ترأس رئيس مجلس النواب نبيه بري عند الثانية من بعد ظهر اليوم في قصر الأونيسكو، في حضور عدد كبير من النواب، الجلسة المخصصة لمناقشة الرسالة التي وجهها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بعدما استمع المجلس أمس الى نص الرسالة.
واستهل برّي الجلسة بكلمة قال فيها: "ونحن ما نحن فيه. لا بد من أن ننهض ونفرح بما هو لنا والينا: من نصر لفلسطين بمقاومة غزة هاشم، وقدسها وشيخ جراحها. وذكرى مجيدة لمقاومتنا الذي تجسد عيد تحرير في 25 ايار . فكيف لهذا العلى أن يطفأ في بلد الاشعاع؟ اما آن لهذا اللبنان أن يكون بمستوى ابنائه ؟. الوحدة ثم الوحدة أيها الاخوة والا ستذهب ريحنا".
وبعد كلمة رئيس مجلس النواب، تحدث النائب محمد رعد فرأى أنّ "الاتفاق هو المدخل اللازم والحصري لتشكيل الحكومة وهو ليس شأن أخلاقي نظري بل فعل مسؤولية وطني"، وأضاف: "معروفة هي الدوافع التي حفزت رئيس الجمهورية لتوجيه رسالته ومعروفة هي الضغوط الإقليمية التي تمارس والإختلاف بين الأطراف التي تشكل الحكومة على الصعيد الشخصي وعلى صعيد التوجهات معروفة لكن تشكيل الحكومة يبقى أولوية".
ورأى رعد أنّ "الاتفاق يتطلب مرونة وتفهما متبادلاً وفي الأزمات ليس متاحا ان يحصل طرف على كل ما يريد وليس مطالبا ان يتخلى طرف عن كل ما يريد".
وأضاف: "يمكن تشخيص الحد الأدنى المطلوب لسير الحكومة والأولويات التي تحتاجها البلاد هي شاخصة ومحددة وينبغي أن يكون مفهوماً ان كلفة عدم الإتفاق الأن هي أعمق بكثير مما نتوقع. أولوية مصالح الوطن مقدمة دائما على أي شيء آخر وتجنب الخسائر أولى بكثير من تحقيق الأرباح وكنا ولا نزال وسنبقى على هذا الرأي وكل جهودنا نبذلها على هذا الاتجاه ونحث الجميع على الاسراع في تشكيل الحكومة ولنتصرف بواقعية ومسؤولية ولنبادل التنازلات لحساب بلدنا".
وأكد رعد أنه "في الأزمات ليس متاحاً أن يحصل كل طرف على كل ما يريد أو ان يتنازل شخصٌ عن كل ما يريد، والمطلوب ان نحدد الأوليات للتوصل إلى تشكيل حكومة لفترة زمنية تمكنها من حل الأزمة وتنظيم الإنتخابات النيابية المقبلة".
بدوره، رأى النائب جميل السيد أننا "لسنا أمام أزمة تشكيل حكومة، بل نحن أما أزمة نظام وثورة إجتماعية وثبت لنا كمجلس إدارة بلد أننا فاشلون".
وأضاف: "حل أزمة الحكومة يكمن بين الرئيسين وبالدستور لا يمكننا كمجلس التدخل بينهما ولا يمكننا لعب دور أبو ملحم. لو لم يكن الرئيس المكلف نائباً لما أمكننا دعوته للحضور لأنه لا يمكننا إستدعاء رئيس مكلف دستورياً قبل جلسة الثقة وقبلها أرسل لنا رسالة الرئيس عون لمحاسبة موظف".
وقال: "فلنهرب من الشعب إلى الشعب قبل ان نهرب منهم ولذلك أقترح على المجلس أن يصدر توصية بإقرار قانون إنتخابي أو اعتماد القانون الحالي وأن يحل المجلس نفسه وتدعو الحكومة إلى انتخابات نيابية بمهلة شهر".
من جهته، قال النائب هادي أبو الحسن: "كم كنا بحاجة ان نلتقي لنناقش معاً الهموم والشجون ونقدم الرؤى والافكار ولنتبادل المقترحات والحلول بإيجابية وحرص لتفادي السقوط الكبير ووقف الانهيار. كم كنا بحاجة لنتحاور حول افضل السبل لإنقاذ ما تبقى من دولة لم يبقى منها سوى هيكل مهترئ ومتاريس سياسية وجدران طائفية فيما اصبح المواطن المظلوم هو الضحية".
وأضاف: "كم كنا بحاجة لجلسة تناقش بيان حكومة اصلاحية تعيد الثقة بالدولة وتعيد البلاد الى المسار الصحيح لكن يا للأسف إستنزف كل شيء حتى أصبح العيش بكرامة مفقدواً وتغيير النهج السائد متعثراً ومحظوراً".
وأردف: "تأتي هذه الرسالة الموجهة الى المجلس النيابي الكريم وبغض النظر عن منطلقها الذي يعتبر حقاً دستورياً لكنها برأينا لن تحل الازمة المستعصية بل ستدخلنا في تفسيرات واجتهادات دستورية نحن بغنى عنها وستزيد الامور تعقيداً".
ولفت أبو الحسن إلى أنّ "قاعدة الـ24 وزيراً هي برأينا الصيغة الأفضل والأكثر توازناً اليوم ومن دون ثلث معطل"، مشيراً إلى أنّ "رئيس الجمهورية باقٍ في موقعه حتى نهاية ولايته والرئيس المكلف مستمر بمهمته إستناداً الى تسميته من قبل أكثرية نيابية واضحة فلا يجوز البحث في سحب التكليف منه وبالتالي لا يمكن لأحدٍ ان يتجاوز أحداً".
وتابع: "أمامنا جميعاً اليوم مسؤولية تاريخية فلنتحملها بشجاعة فلنعتمد على انفسنا ونكسر هذا الجمود، ولنخرج من حالة المراوحة القاتلة التي تقودنا يوماً بعد يوم الى التخبط والغرق والهلاك".
وختم: "فلتكن الفرصة اليوم للمبادرة والإقدام على التسوية بكل جرأة ومن دون تردد كي لا نصل الى المحظور والى اللحظة التي لن ينفع بعدها الندم بشيء".
كذلك، دعا النائب أسامة سعد إلى "مسار انقاذي وطني يشرف عليه المجلس النيابي ويؤسس لواقع جديد"، مؤكداً أن "مطلب التغيير السياسي والتغيير الشامل باتا مطلبان وطنيان ملحان لإستقلال الدولة ودور المجلس واجبٌ يفسح المجال للإنتقال إلى جو سياسي ديمقراطي جديد ولتخصص جلسات عامة ليتم فيها النقاش ليصار إلى اتفاق وطني على الأمور المفصلية".
واعتبر سعد أنّ "القضية سياسيّة قبل أن تكون دستوريّة أو أيّ شيء آخر وسقوط التفاهمات وخصوصاً التفاهم الرئاسيلا يعني قبول سقوط الدولة وتدفيع الناس أثماناً باهظة".
وأكّد سعد أنّ "المسؤولية تقع اليوم على من هم في مراكز القرار، الذين تسببوا بكل هذه الانهيارات وبسحر ساحر أو لاعتبارات إقليمية أو دولية قد يتمكن النظام من إعادة إنتاج نفسه، لكن أي حكومة تقوم على هذه الأسس لن تتمكن من تحقيق الإصلاح أو إنقاذ البلاد".
وفي كلمة له، قال النائب جهاد الصمد أنّ "الشعب يريد حكومة موثوقة من اشخاص يتمتعون بالكفاءة والاستقلالية"، وأضاف: "الدستور لم ينص على صلاحية للمجلس النيابي في تفسير الدستور لكنه نص على حق المجلس بتعديل الدستور وجلسة اليوم لا تسمح لنا بتفسير الدستور لذا لن أتطرق إلى الجدل البيزنطي حول من يؤلف الحكومة".
بدوره، قال النائب جورج عدوان: "نجتمع اليوم وكأنّنا نعيش في عالم آخر فالناس جائعة ومتعبة وتتهجّر ونحن نبحث في أمور أخرى ويجب العودة إلى الواقع".
وأضاف: "اليوم نعاني من الأكثرية النيابية التي فشلت، وآخر تجلياتها كانت حكومة دياب وإلى ماذا أدت، إذ انها لم تتمكن من تنفيذ قرارات اتُخذت، وما نُفذ من قرارات قد نحتاج إلى عشرات من السنين للتخلص منها".
ورأى عدوان أن الحل الوحيد يكمن في انتخابات نيابية، معتبراً أنّ "تعديل الدستور يحتاج إلى مناخ مختلف"، وأضاف: "لذا فلنبحث كيفية المحافظة على ما تبقى من المؤسسات التي تنهار".
وتابع: "العودة إلى الواقع تتطلب أمرين أولاً عدم الدخول في مسألة تفسير وتعديل الدستور إذ إن الظروف غير مناسبة، ثانياً لا يمكننا تسعير الأمور الطائفية والاتكال عليها لتحقيق أهداف أخرى".
من جهته، دعا النائب طوني فرنجية إلى التحلي بمسؤولية وطنية لتشكيل حكومة تواكب التطورات في المنطقة، وقال: "لنبتعد عن المناورات السياسية ولنترفع عن كل الحسابات الضيقة، فالوقت ليس للتفكير بكيفية استنهاض الشارع الطائفي اليوم علينا البحث بكيفية تأليف حكومة تواكب التطورات الراهنة".
واعتبر فرنجية أنّ "الوقت ليس لتفسير الدستور ومن يطالب بهذا الأمر هو أكثر فريق سيخسر"، وقال: "لقد وصلنا إلى الجوع وأمام الجو المشحون في البلد والتشنجات، ندعو الجميع للوقوف وقفة وجدان والإصغاء إلى الضمير الوطني والابتعاد عن المناوشات السياسية التي تزيد الأمور تعقيداً".
أمّا النائب جبران باسيل فقال في كلمة له: "البلد مكسر ولا أعتقد انه يمكن لأحد أن يبدي مصلحته على تشكيل حكومة والأولوية اليوم تشكيل حكومة لتنفيذ إصلاحات". وأضاف: "كلمتي هدفها تشكيل حكومة برئاسة سعد الحريري وأيّ تفسير آخر لكلامي هو خارج سياقه وإفتراء".
ولفت باسيل إلى أنه "بمجرد أن يكون رئيس الجمهورية لديه توقيع على تشكيل الحكومة فهذا يعني أنه يجب أن يكون موافقاً على كل تفصيل فيها". وتابع: "الأولية من كلمتي حث الرئيس المكلف على التشكيل وليس إلى سحب التكليف منه، ورئيس الجمهورية وحده لا يستطيع حل الازمة بل مجلس النواب مجتمعاً".
ومع هذا، فقد رأى باسيل إلى أنه "لا نستطيع أن نضع الأسماء في الحكومة قبل أن نعرف من هو مرجعها وإلى أي طائفة أو أي فريق سياسي تتبع لأن نظام بلدنا هكذا".
وأشار باسيل إلى أنّ "الوضع كارثي ولا يسمح أن نعتمد أمور غير مألوفة مع النظام مثل أن نقول إن رئيس الحكومة يسمي الوزراء عن الكل أو أن نقول إن رئيس الحكومة يؤلف ورئيس الجمهورية فقط أما يوافق أو لا يوافق".
وأكد باسيل دعم الحكومة في كل خطوة إصلاحية، وقال: "لدينا مصلحة أن نجعل الحكومة تنجح"، وأضاف: "المطلوب تعديل دستوري يحدد المهل في تشكيل الحكومة لأن الدستور حالياً يعطل نفسه".