سقط وزير الخارجية شربل وهبة في أهوائه السياسية الشخصية، وفي أهوائه الحزبية، وقد تناسى عن قصد أو غير قصد أنه يمثل الخارجية اللبنانية ويمثل رأس الدبلوماسية اللبنانية التي تخضع بشكل أو بآخر لقرار سياسي موحد ينبع من مصالح لبنان الوطنية والسياسية، لأعراف ومواثيق ولياقات لا يمكن تجاوزها.
شكلت تصريحات الوزير وهبي سابقة خطيرة لما تمثله من تهديد لسمعة لبنان واللبنانيين، ولما تمثله من إساءة كبيرة لعلاقات لبنان بدول شقيقة كانت وما زالت إلى جانب لبنان والشعب اللبناني.
إن خطورة هذه التصريحات لا تكمن فقط في التهجم على دول الخليج والمملكة العربية السعودية، وهي ليست محصورة بالإساءة إلى المملكة فقط بل إن هذا الوزير أساء إلى لبنان أولا وإلى كل الشعب اللبناني، وقد تجاوز كل الأعراف والأصول السياسية والدبلوماسية، وقد تجاوز المصلحة الوطنية العليا القائمة على مبدأ العلاقات الطيبة والسليمة مع محيطنا العربي لا سيما المملكة العربية السعودية.
إقرأ أيضا : البطريرك رياض سلامة
لا شك أن الوزير شربل وهبي إنطلق بتصريحاته تلك من خلفيته السياسية الحزبية وكانت على حساب لبنان الدولة والوطن وهنا تكمن مشكلتنا كلبنانيين ومشكلتنا كدولة عندما تتداخل المصالح الشخصية والإنتماءات الحزبية مع الموقع الرسمي الذي يجب أن يلحظ أولا وأخيرا مصلحتنا كدولة بعيدا عن أي موقف حزبي وعن أي خيار حزبي وعن أي رغبة حزبية ضيقة تكون على حساب لبنان ومصالحه، وقد ضرب الوزير عرض الحائط بأخلاقيات الموقع الدبلوماسي الذي يتبوءه وكان مثالا للخائن بحق وطنه وشعبه وأمته في وقت يمر فيه البلد في أسوأ مرحلة في تاريخة، مرحلة تستدعي الهدوء السياسي والحكمة والتبصر في أي رأي أو موقف لأننا كلبنانيين لا نريد أن نكون أضاحي الهفوات السياسية ولا المواقف العبثية ولا نريد أن نكون رهائن للخيارات الحزبية المقيتة التي كانت وما زالت سببا رئيسيا في أزمتنا الحالية وها نحن ندفع أثمانا باهظة.
إقرأ أيضا : الجريمة المروعة في القرعون مَن المسؤول؟
لقد أخطأ الوزير وأخطأ خطأ فادحا بحق لبنان الذي يريد أن يصحح علاقاته مع أشقائه العرب لا سيما دول الخليج ذات الإمتداد الإغترابي للبنان وذات المواقف المشرفة تجاه لبنان فلمصلحة من جاء الوزير بهذه التصريحات التافهة التي لا تنسجم لا من قريب ولا من بعيد مع مصلحة لبنان واللبنانيين.
هي تصريحات غير مسؤولة لأن ما يحتاجه لبنان اليوم وفي هذه المرحلة بالذات هو المواقف الراجحة والمقاربات السديدة التي تسهم في فكّ أزماته وتعقيداته بدل الذهاب إلى المزيد من تعميق الشرخ وتعميق الازمات والإساءة إلى من ساند لبنان ماضياً وحاضراً وسيسهم بلا شك في مساندة لبنان مستقبلا عندما يعود امثال الوزير إلى رشدهم السياسي والوطني.
الحقيقة الثابتة والتي لا يغيرها تصريح أو موقف من هنا أو هناك أن دول الخليج العربي هي أيادي الخير البيضاء التي وقفت إلى جانب لبنان واللبنانيين في أحلك المصاعب وفي أشدّ الازمات وإن أي كلام مسيء لهذه الحقيقة وللعلاقات الأخوية الطيبة مع الخليج العربي، مرفوضٌ ومستنكر بل معيب بحق لبنان أولا وبحق الاشقاء العرب ثانيا.