الغائب الكبير في طاحونة الحروب التي تجتاح العالم العربي من مشرقه إلى مغربه، هو بكل بساطة، الشعب.الشعب بكل فئاته وطبقاته.الشعب غير موجودٍ عند الحكام والزعماء وقادة الميليشيات، ورؤساء الأحزاب وأُمنائها العامّين، وتُجّار الدم والسلاح، تستوي في ذلك القوى المحلية مع القوى الاقليمية والدولية، يحضر الشعب فقط أوان المجازر والتهجير، أو وقوداً للكيماوي والبراميل المتفجّرة، أو عُرضةً لأحدث ما أنتجتهُ الترسانة العسكرية من صواريخ وأسلحة ذكيّة، وفي أحسن الأحوال عندما يُساقُ أمام صناديق الاقتراع لتجديد "شرعية" الحُكام.
إقرأ أيضا : الشعب الفلسطيني بين أنياب الإحتلال الإسرائيلي، وصفقات تُجّار القضايا المُقدّسة.
الشعب هذا لا يليقُ بأن تهتم به كتب التاريخ أو تذكره، أو تتحدّث عنه، أو تنزل إلى مستواه، وعندما نقول الشعب، فإنّما نقصد بذلك العالم الريفي والبدوي، وعالمُ العمل والكدح، وعالم الهامشيين والمتسكّعين والمنبوذين. والاطفال خارج المدارس، يتسوّلون في الطرقات، ويُساقون إلى أتون المعارك، والنساء المشرّدات الجائعات مع أطفالهن، ليحيا حُكّامٌ انتهت صلاحيتهم منذ زمنٍ بعيد ، وما زالوا يقتاتون من لحم الشعب، ويرتوون بدمائه.