كنت قد كتبت مقالا في 27 كانون الاول الماضي، تحت عنوان ( هل يهرب ميشال عون الى التطبيع لانقاذ ما تبقى من عهده )، اعتبرت فيه ان الرئيس عون، وان كان لا يكترث اطلاقا لما يمر به البلد من ازمة اقتصادية خانقة ولا هو يدرك اصلا حجم الكارثة التي يعاني منها المواطن اللبناني، وذلك كله يبدو جليا من خلال مقاربته لازمة تشكيل الحكومة المعطلة لاسباب شخصية وفئوية لا تنم الا عن مقاربة مرضيّة
الا انني توقعت بمقالي السابق ان ما يمكن ان يحرك هذا الرئيس ويدفعه الى الاقدام على خطوة ما هو على الاقل شعور "الانا " المستحوذ على عقل وقلب ميشال عون، وبالتالي افترضت ان قلقا ما قد يكون تسلل الى عقله وخشية مما سوف يكتبه التاريخ عن هذا العهد الفاشل، وان هذا الرئيس قد يسعى لانقاذ اسمه اولا واخيرا من دخوله الى صفحات التاريخ السوداء، لانه من البديه ان التاريخ سوف يزاوج بين اسم ميشال عون وبين انهيار لبنان، وان في هذا العهد شهد لبنان اسوء ازمة لم نشهدها حتى في الحرب الاهلية.
انا هنا اقر واعترف بان ظني قد خاب، وانه حتى هذا الاحتمال لم يطرأ على هذا العقل العوني، وبات حتى انقاذ اسمه وعهده غير وارد، ولا هو يمكن ان يشكل محركا ما يجعل هذا الرئيس بوارد ان يعيد تموضعه السياسي وان كان باتجاه نحو التطبيع مع العدو، الا ان بعد المؤتمر الصحفي الاخير لصهر وما جاء فيه من نقاط حساسة جدا بموضوع ترسيم الحدود مع اسرائيل، والرسائل الخطيرة التي بعث بها لم يعنيهم الامر ( اميركا – اسرائيل )، بالتنسيق طبعا مع عمه بدليل عدم التوقيع على المرسوم الحدودي ( 6433 )، بعد حملة التخوين والاتهام التي اطلقه التيار العوني طالت وزير النقل بسبب تأخره عن التوقيع !
فالصهر لم يتورع بفضح الاستراتيجية التفاوضية واعلانه ان خط 29 هو " خط للتفاوض وليس للحرب " مما يعني انه يقول للاسرائيلي وبشكل واضح لا لبس فيه: لا تقبل بهذا الخط ونحن سوف نتنازل عنه بسهولة، وسوف ادعم توجهك بعدم جعله حدود قانونية يصعب التنازل عنه لان عمي لن يوقع على مرسومه.
إقرأ أيضا : حزب الله: حاميها حراميها
والاخطر من هذا هو ما طرحه الصهر، كحل للمنطقة المتنازع عليها مع اسرائيل، من خلال طرح " شركة نفطية ثالثة " مشتركة ( اسرائيلية – لبنانية ) تعمل على استخراج النفط والغاز وتوزع الحصص على الدولتين !
هذا فضلا، عن مطالبته بتحويل الوفد المفاوض مع اسرائيل من وفد تقني عسكري، الى وفد سياسي بامتياز بعد ان يجعل ملف الترسيم بيد عمه حصرا ( وهذا ما رفضه الثنائي الشيعي وافشله )
الطفل الصغير في لبنان، يعلم علم اليقين بان كل ما يرجوه جبران باسيل ويأملة ويرجوه من هذا المؤتمر وهذه الرسائل المستهجنة، هو ارضاء الاميركي اولا واخيرا من اجل رفع اسمه عن لائحة العقوبات المفروضة عليه بسبب فساده، وبالتالي فهو حاضر ان يعطي الاسرائيلي من اجل تحقيق غايته اكثر حتى مما قد يطمح.
كنت اتوقع ان " يهرب ميشال عون الى التطبيع من اجل انقاذ عهده " فاذا به يتغلب حتى على نفسه ويذهب الى التطبيع ولكن لانقاذ .... صهره .