كشفت قضية المدعو حسن دقو رجل الاعمال السوري _ اللبناني المزيد من انهيار الدولة، بل المزيد من انحطاط الدولة أمام سلطة المال، والفضيحة ليست في حسن دقو وما فعله أو ما كان يفعله كشخص أو كتاجر مخدرات إنما الفضيحة وأم الفضائح أن الدولة كلها كانت إلى جانبه، كانت أشبه بمافيا يقودها هذا البطل، ونقصد هنا بالدولة كل الدولة وأركانها وأجهزتها ومؤسساتها ووزاراتها ونوابها ووزراءها وأحزابها، فهل كان حسن دقو أكبر من الدولة؟
نعم لقد كان هذا الرجل أكبر الدولة لأن دولتنا يقودها مجموعة تجار وسماسرة، ولأن دولتنا تقودها مجموعة شركات ومافيات، وتقودها مجموعة أحزاب وكل هؤلاء لغتهم واحدة هي لغة المال والاعمال وهكذا تحول البلد بين ليلة وضحاها إلى ضحية وقد قتل فيه الإنسان اللبناني بجريمة جماعية هي الأبشع في تاريخه.
القضية اليوم ليست قضية حسن دقو، حسن دقو كشف قضية أكبر واخطر بكثير من قضيته كتاجر مخدرات، كشفت هذه القضية أن كل أصحاب الفخامة والمعالي والسيادة والسعادة هم مجرد أدوات في منظومة واحدة لا تقل خطرا عن الفساد المستشري، لقد أظهرت هذه القضية اليوم أن الدولة متواطئة وشريكة بعفل الجرم والمنكر، فكيف لشخص واحد مثل حسن دقو أن يشتري رجل دولة؟ وكيف لحسن دقو أن يشتري وزير داخلية وأجهزة أمنية ونوابا ووزارء.
كيف حصل حسن دقو على الجنسية اللبنانية وما هو الثمن الذي دفعه؟ وكيف استطاع أن يشتري وزارة الداخلية بوزيريها نهاد المشنوق ومحمد فهمي ألم تكن وزارة الداخلية بأجهزتها الامنية على علم ودراية بما يقوم به دقو؟
إقرأ أيضا : القضاء اللبناني في بازار اللعب السياسي
أن يستخدم حسن دقو موكب وزير الداخلية القوي نهاد المشنوق وأن يستخدم دقو أجهزة محمد فهمي وأن يستخدم دقو ابراهيم الموسوي النائب في كتلة الوفاء للمقاومة وأن يستخدم دقو أيضا القضاء والأجهزة يعني كل ذلك أننا أمام أكثر بكثير من فضيحة تتصل بكل أجهزة الدولة وتتصل بالأحزاب والقوى ذات النفوذ الواسع بشكل أو بآخر.
سيخرجون علينا اليوم أو غدا ليبرروا سوء أفعالهم ويتنصلون من جريمتهم ويتحدثون عن ادعاء البراءة وأنهم عرفوا حسن دقو كتاجر وكرجل أعمال لكن ما انكشف من الفضائح لن يغطي خزيهم وعارهم وخيانتهم وهم مجرد عبيد أمام المال وهكذا كانوا أمام حسن دقو وسخروا أنفسهم ودولتهم لسلطة المال فخانوا وطنهم واهلهم وها نحن ندفع كلبنانيين الثمن بعدما تحول لبنان إلى بلد مشتبه به بتصدير المخدرات والممنوعات .
لم تعد أزمتنا ازمة انهيار الدولة بفعل الفساد فقط بل إن أزمتنا كلبنانيين هي أولا وآخر بانعدام الاخلاق والقيم الوطنية بعدما تحول لبنان بفعل الممارسات الحزبية والسلطوية والمافياوية إلى بؤرة من بؤر الفساد والافساد.
إننا أمام مرحلة خطيرة تنذر بانهيار الكيان كله بعد المشاهد المروعة للانهيارات من السياسة الى الاقتصاد الى القضاء الى الأمن والآتي أعظم ولن تكون قضية حسن دقو هي القضية الاخيرة في مسلسل الانهيار والفضائح.