مع غياب المبادرات وتعليق كل الوساطات، تراجع الشأن الحكومي إلى ما دون الصفر، وتقدّم الهمّ المالي والمعيشي والاجتماعي في ظلّ الخشية الواسعة من رفع الدعم وانعكاسه على الاستقرار، لأنّ خطوة من هذا النوع أصبحت حتمية مع الاقتراب من سقف الاحتياطي الإلزامي، ويستحيل الخروج من هذه الدوامة سوى بخطوة سياسية من قبيل تأليف حكومة وفق المعايير والشروط الدولية، بغية ان تكون قادرة على قيادة مفاوضات مع المجتمع الدولي تحقيقاً للإصلاحات المطلوبة وفتحاً لباب المساعدات، التي وحدها قادرة على وقف الانهيار ووضع لبنان على سكة التعافي مجدداً.
ولكن، يبدو انّ الهمّ الحكومي غائب عن بال المسؤولين الذين يتلهّون بفتح الملفات الواحد تلو الآخر، والاشتباك بعد الآخر، وما يكاد يتراجع ملفّ حتى يتقدّم آخر، فيما الملف الأساسي الذي يفترض ان يتقدّم كل الملفات، لأنّه يشكّل مفتاح الحلول المطلوب، ما زال ممنوعاً من الصرف والترجمة لاعتبارات فئوية وخلافات شخصية، اين منها مصلحة المواطن اللبناني الذي يريد حكومة بأي ثمن، تضمن له استعادة أمواله وتُبعد عنه شبح الفقر والعوز والجوع.