هل أخطأت القاضية غادة عون أم لم تخطىء؟ هذا أمر يحدده مبدئياً التفتيش القضائي. إلّا أن الثابت هو ان كل إخلال بالواجبات الوظيفية يؤلف خطأ يُعاقب عليه القاضي تأديبياً. ومن مهمات التفتيش القضائي مراقبة حسن سير القضاء واعمال القضاة. ولكن حسب اصول المحاكمات الجزائية يترأس النائب العام التمييزي لدى محكمة التمييز كافة النيابات العامة وسلطته تشمل جميع القضاة وله ان يوجّه لهم كافة التعليمات الخطية والشفوية، وهو الرئيس التسلسلي لجميع قضاة النيابات العامة. إلا أن القاضية عون تقدمت بشكوى في حق المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات بتهمة مخالفة القانون وحرمانها من صلاحيتها.
وفق مصادر قضائية في محكمة التمييز انّ عون ربما نسيت أن رئيس هيئة التفتيش الذي اشتَكت لديه، هو عضو رئيس في مجلس القضاء الاعلى الذي وافق اصلاً على القرار الصادر في حقها، اي الالتزام بقرار المدعي العام التمييزي الذي اعتبره مجلس القضاء قراراً قانونياً يجب الاقرار به والتزامه.
في السياق ضجّت الوسائل الاعلامية امس بخبر الشكوى التي قدمتها عون ومجريات التحقيق معها الذي استمر ساعات، فماذا حدث في الامس؟
الامر الايجابي في مجريات الامس، بحسب المصادر القضائية نفسها، أن هيئة التفتيش تلقّفت بسرعة وجدية وإيجابية قرار مجلس القضاء الاعلى بإحالة عون اليها ولم يماطل في استدعائها، فاستجابت للاستدعاء ومثلت امام هيئة التفتيش وتم الاستماع اليها لأكثر من ثلاث ساعات في ملفات عدة موجودة اساساً لدى هيئة التفتيش، بالاضافة الى الملف الاساسي الذي أحيلت بموجبه الى هيئة التفتيش وهو عدم الانصياع لتوجيهات النائب العام التمييزي.
واعتبرت المصادر القضائية انّ الاخبار التي راجت عن تقديم عون شكوى في حق عويدات بسبب عدم قانونية كف يدها عن ملفات حساسة بالاضافة الى الملف الآني، قد روّجت عون لها لأسباب عدة، علماً أن تلك الشكوى، وبحسب المصادر نفسها، لا قيمة لها ولا تُسَجَّل لها، اي لعون، في هيئة التفتيش للأسباب الآتية:
- الادعاء على المدعي العام التمييزي:
انّ الادعاء على عويدات والرئيس الاول لمجلس القضاء الاعلى ورئيس هيئة التفتيش الذين يشكلون سلطة متوازية ويديرون السلطة القضائية ولا يخضع احدهم للآخر، وهم «ثلاثية» تدير الشؤون القضائية من خلال مجلس القضاء الاعلى هو ادعاء غير جائز، وبالتالي لا يحق لأحد من هؤلاء الرؤساء ان يحقق مع الآخر وخصوصاً في الامور الادارية. مع الاشارة الى ان القرار الذي اتخذه عويدات في حق عون هو قرار اداري محض ويدخل ضمن ادارة الشؤون القضائية ولا يمكن ان يُسأل عنه.
في المقابل، تشير مصادر قضائية الى ان القانون لم يلحظ اي نص يمنع رئيس هيئة التفتيش القضائي من التحقيق مع الرئيس الاول او المدعي العام التمييزي، إنما عُرفاً ومنذ مئات السنين ومنذ نشأة القضاء لم تُسجّل ظاهرة الاستماع الى مدع عام للتمييز في اي ملف، وخصوصا إذا كان ادارياً.
كيف يتم العمل في هيئة التفتيش القضائية؟
بما انّ درجة القاضية عون اعلى من درجات اعضاء هيئة التفتيش، اي المفتشين العامّين المطلوب منهم الاستماع او التحقيق معها، فإنه يُصار الى التحقيق معها على يد رئيس الهيئة حصراً، اي الرئيس بركان سعد، وهذا ما حدث امس فاستمع الى شهادتها في كل الملفات والشكاوى المقدمة في حقها. ومن المفترض، بحسب المصادر القضائية المتابعة، ان يقدم سعد تقريره لهيئة التفتيش مجتمعة لاتخاذ القرار على هذا الاساس... والقرار يكون إمّا بإحالتها الى المجلس التأديبي او حفظ الشكوى لانتفاء المخالفة، كذلك يمكن لهيئة التفتيش ان تقترح على وزيرة العدل كَف عون عن العمل. أما في حال قررت هيئة التفتيش احالة عون مباشرة الى المجلس التأديبي، فإنّ الاخير يبدأ محاكمتها ويحق لها المدافعة عن نفسها شخصياً او عبر توكيل محام للدفاع عنها، وبعدها يصدر الحكم التأديبي في حقها.
اما بالنسبة الى العقوبات المعمول بها في هذه الحالة فهي: اللوم، التنبيه، كسر درجة، او درجات عدة، او طرد من القضاء.
حقوق القاضية عون؟
في حال صدر الحكم عن المجلس التأديبي في حق عون، فيحق لها في هذه الحال الاستئناف امام الهيئة العليا للتأديب التي يترأسها الرئيس الاول سهيل عبود مع اعضاء في مجلس القضاء الاعلى. وعليه، يكون قرار الهيئة نهائياً.