معلوم ان كل ما نعاني منه من ازمات ومصائب وفقر وانهيار اقتصادي، سببه الاول والاخير هو الخيار السياسي العام الذي ينتهجه البلد بعد سيطرة حزب الله على قراره العام، وفرض اجندته الخاصة على البلد من خلال سيطرته التامة على رئاسة الجمهورية بعد ايصال ميشال عون الى سدة الرئاسة بقوة السلاح والتعطيل، وامتلاكه الاكثرية النيابية بالبرلمان النيابي، وفرض حكومة حسان دياب ذات اللون الواحد.
كل هذا معلوما، يبقى ان من حقي كما من حق اي مواطن لبناني، يعاني ما يعانيه بسبب هذا الخيار ان يسأل عن الخلفية والداعي والمسوغ العقلي والقانوني والديني الذي يقف خلف هذا الخيار
سؤال قد يكون للوهلة الاولى غير منطقي، اذ ان الحزب ومعه ما يسمى محور الممانعة هم حكما في الجهة المقابلة للمشروع الاسرائيلي الاميركي وبالتالي تموضعهم يحب ان يكون طبيعيا، الا ان الوقائع والموضوعية بالاضافة الى المتغيرات الضخمة التي طرأت على الساحة الدولية بالخصوص بعد انهيار الاتحاد السوفياتي يجعل من السؤال اعلاه سؤال موضوعي جدا
فإذا كان العداء لاسرائيل هو المسوغ الاساسي لتحديد الخيارات! فان روسيا بوتين، لا تقل حرصا ولهفة ودعما وعطفا على اسرائيل وامنها وحمايتها من اميركا نفسها، وهذا لا يحتاج الى ادلة ولا الى براهين، فعدد تصريحات بوتين والقيادة الروسية عن حفظ امن اسرائيل يكاد يتخطى تصريحات الادارات الاميركية المتنوعة، والممارسة الميدانية والعملية للسياسات الروسية ان في المنطقة او العالم محورها الاساسي هو تحالفها المتين مع اسرائيل والحفاظ على مصالحها
إقرأ أيضا : نطنز.... والحماقة المنتظرة
وعليه فان العنصر الاسرائيلي قد سقط حتما، حتى لا نقول بان التحالف مع روسيا هو نقيض شعارات " المقاومة " فمن الغباء بمكان الجمع بين العداء لاسرائيل وبين التحالف مع صديقها والحريص عليها
تعالوا اذا لنحاول التفتيش عن مبررات اخرى، فاذا اعتبرنا ان محور الممانعة الذي تقوده ايران الاسلامية ، هو محور يدعي انه محكوم لقيم ومفاهيم دينية ( اسلامية ) لا يمكنه تخطيها، وبالتالي فان الاتجاه شرقا والتحالف مع الروسي والصيني، يفترض انه ينسجم مع "اسلاميته" وهو اقرب للتقوى !!
الا ان الوقائع لا تساعدنا البتة، بالخصوص اذا ما اتفقنا سلفا بان جوهر الاسلام والتدين هو نشر العدل ( لقد ارسلنا رسلنا بالبينات وانزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ... )، فلا النظام الصيني هو نظام يقيم للعدل واحترام حقوق الانسان وزنا، ولا الروس يفقهون معنى العدالة وبالتالي فان التحالف معهم لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بالبعد الديني بل العكس هو الصحيح.
يبقى احتمال وحيد، هو ان ميزان مصلحة الشعب اللبناني وشعوب المحور هو ما قد يكون فرض هذا الخيار، وهنا ايضا نجدنا نصطدم بواقع مرير، اذ لا يمكن ان نجد مصداق واحد لدول تحالفت مع هذا الشرق وحصدت خيرا لها ولشعوبها، من وسط افريقيا مرورا الى شرق اسيا حيث لم تجن هذه الشعوب الا الويل والثبور والمزيد من الفقر والجوع والانهيارات.
بعد كل ما تقدم، يحق لنا ان نسأل السيد نصرالله ومحوره، ما هو الاعتبار الذي جعله يأخذ لبنان والشعب اللبناني الى مكان يعلم القاصي والداني ان فيه مأساتنا وضياع مستقبل اجيالنا ؟؟؟