كشفت صحيفة "Le Temps" السويسرية، عن فحوى الطلب الذي تقدم به الادعاء السويسري بتاريخ 27 تشرين الثاني 2020 إلى القضاء اللبناني، بشأن التحقيقات في التحويلات المشبوهة إلى حسابات في مصارف سويسرية جرت عبر مصرف لبنان يعتقد أنها ناتجة عن تبييض أموال.
وبحسب هذا الطلب (المؤلف من 16 صفحة)، فإن مكتب غسيل الأموال السويسري حلل آلاف الوثائق والبيانات ورصد تحويل مبالغ تتجاوز 326 مليون دولار منسوبة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه رجاء.
وقد حصلت هذه التحويلات عبر اتفاق وقّع في نيسان 2002، بين رياض سلامة، كحاكم لمصرف لبنان وشقيقه رجاء كمالك لشركة Forry Associates Ltd المسجلة في "تورتولا" بـ "جزر العذراء" ولديها مكتب في بيروت، والتي جرت التحويلات عبرها.
ويقول التحقيق السويسري، إن هذه التحويلات هي عبارة عن عمولات اكتتاب جراء بيع سندات خزينة ويوروبوند وصلت إلى حساب Forry Associates Ltd في بنك "HSBC Private" في جنيف، ومن هذا الحساب تم تحويل مبلغ 248 مليون دولار لحساب رجاء سلامة الخاص في المصرف ذاته.
مصارف لبنانية مستفيدة من تحويلات سلامة
ويضيف التحقيق السويسري، أن مبلغ 207 ملايين دولار تم تحويلها من حسابات رجاء سلامة في جنيف إلى 5 مؤسسات لبنانية، هي: "بنك مد" و"بنك مصر ولبنان" و"كريدي ليباني" وبنك "عوده" وبنك "سارادار"، ولم يتم توضيح أسباب هذه التحويلات.
وفي تفاصيل نشاط حاكم مصرف لبنان وشقيقه رجاء في سويسرا، يكشف التحقيق أن رياض سلامة لديه عدة حسابات في البنوك السويسرية، ولا سيما في مصرف "Julius Baer" في زوريخ، الذي اتخذ القضاء السويسري قراراً بتجميده.
ويضيف التحقيق أن رياض سلامة فتح عام 2008 حساباً في نفس المصرف "Julius Baer" وحوّل منه مبلغ 153 مليون دولار لصالح "بنك عودة" في بيروت، وهذه المعاملة التي تمت في 5 نيسان 2012، أثارت اهتمام السلطات السويسرية، اذ اعتبر مكتب المدعي العام أنها تحتوي على "خصائص ونقاط غير عادية غير واضحة"، والسبب أن رياض سلامة نفذ هذه الصفقة بتوقيع فردي لحساب تابع لمصرف لبنان.
وفي التحقيقات اعترف بنك "يوليوس باير"، أنه لا يستطيع توضيح ماهية هذه الصفقة التي تم بموجبها تحويل هذا المبلغ لـ "بنك عودة"، بمعنى آخر لا يملك هذا المصرف معلومات ما إذا كانت هناك صفقة بالأساس، واستنتجت النيابة العامة السويسرية أن هذه الصفقة "تم تنظيمها بحيث لا يمكن أن يكون هناك سجلات محاسبية".
تجميد حسابات سلامة
وقالت الصحيفة السويسرية، إن وضع رياض سلامة كشخصية تشغل منصب عام وله حيثيات خاصة وحساسة تتطلب مراقبة مشددة من قبل المصارف السويسرية، تبعاً للمادة 6 من القانون الاتحادي بشأن غسيل الأموال (LBA)، ولكن كما تظهر الإجراءات الجنائية للجنة السياسة النقدية، فإن هذا لم يمنعه من فتح عدة حسابات باسمه في عدة مؤسسات.
ويقدر المدعي العام، اكتشاف "أصول رياض سلامة بمبلغ يقدر بنحو 50 مليون دولار في بنوك في سويسرا.
وبالإضافة إلى حساباته في بنك "يوليوس باير"، فتح رياض سلامة حسابا آخر في مصرف "يو بي أس" في نيسان 2012، وفي غضون 4 سنوات حوّل إليه مبلغ 7.5 مليون دولار، مصدرها حساب سلامة في مصرف لبنان، واستمثر هذا المبلغ في شراء سندات.
وفي 2016 فتح سلامة حساباً آخر في مصرف "كريدي سويس" وحوّل إليه مبلغ 4.15 مليون دولار من حسابه في مصرف لبنان، وفي عام 2018 كرر السيناريو ذاته مع بنك "بيكتيه" في جنيف، عندما فتح حساباً بملوني يورو وأضاف إليهما في نفس اليوم مبلغ 3 ملايين يورو ودائماً من حساباته في لبنان.
وبحسب الصحيفة السويسرية فإن بنك "بيكتيه" هو من أعلم السلطات القضائية السويسرية بهذا التحويل، على أثر مقالات نشرت في بيروت حول نشاط رياض سلامة، وبعدها قامت السلطات السويسرية بتجميد هذا الحساب وتجميد الحسابات الأخرى في مصرفي "كريدي سويس" و"يو بي أس".
استثمارات سلامة العقارية
وتشتبه السلطات السويسرية، في أن رياض سلامة قد حصل على عقارات في سويسرا من خلال شركتين مقرهما في جنيف: الأولى هي شركة (S) وهي شركة عامة محدودة مسجلة في تشرين الأول 2010 ويديرها أحد أفراد عائلة الحاكم ومحامي من جنيف، والثانية هي شركة "Red Street 10"، وقد تمكن رياض سلامة من تملك أسهم في عقارات في البلدة القديمة في جنيف. ويملك سلامة مبنى للإيجار بقيمة 10 ملايين فرنك (11 مليون دولار) في مدينة مورج المطلة على بحيرة لمان.