أمام ذكرى 13 نيسان هذا العام (ذكرى الحرب الأهلية) يقف اللبنانيون عاجزون أمام أمراء هذه الحرب الذين ما زالوا هم أنفسهم يمسكون بمصير البلاد والعباد، هم أنفسهم كانوا أبطال هذه الحرب وهم أنفسهم اليوم يمسكون بمقاليد السلطة، أوقفوا الحرب بعد اتفاق الطائف وتقاسموا المغانم والحصص، وأمعنوا في حرب أخرى ضد الوطن والشعب حرب الاستيلاء على الدولة وثرواتها وأموالها وكل مقدراتها فأصبحت الدولة المنهوبة بل الدولة المنكوبة، وما مشاهد الطوابير أمام الافران ومحطات المحروقات والسوبر ماركت إلا وجه آخر من وجوه هذه الحرب وتكرار جديد أشدّ بطشا وبشاعة، هي الصورة ذاتها التي كنا نشاهدها خلال الحرب فلم يتغير شيء طالما أبطال هذه الحرب ما زالوا على رأس السلطة.
إن اللبنانيين اليوم ما زالوا يدفعون الثمن، والثمن اليوم باهظ وكبير جدا وذلك بفعل الصمت والولاءات العمياء والطائفية البغضاء التي حالت دون أي تغيير، فبقي أمراء الحرب أمراء وأصبحوا بالمنظور الطائفي والحزبي زعماء وبيدهم وحدهم مقاليد السلطة فعاثوا فسادا أكبر لا يقل خطورة ودموية عما فعله هؤلاء ببنادقهم ومدافعهم خلال الحرب.
إقرأ أيضا : محمد حسن الأمين ثلمةٌ لن يسدّها شيء
لم يتعلم اللبنانيون بعد ضرورة التغيير وضرورة الاقتصاص فبقوا رهائن أوهامهم وأحزابهم ورهائن التخدير والشعارات الفارغة وأذعنوا لقوة التضليل بغباء منقطع النظير.
في ذكرى 13 نيسان المشهد اليوم أكثر بشاعة وأكثر دموية وأكثر إجراما بحق الشعب وبحق اللبنانيين وبحق الوطن الدولة، وهو كذلك لأن منظومة الحرب ما زالت هي نفسها ولا يمكن لهذه المنظومة بأي شكل من الأشكال أن تتعايش بالسلم وأن تؤمن بوطن وأن تسعى لبناء دولة فبقي اللبنانيون ومنذ انتهاء الحرب الأهلية حتى اليوم مجرد في قبضة الماضي بفعل التحريض السياسي والمذهبي والطائفي لأن شيئا لم يتغير على صعيد ثقافة الإنتماء للوطن وصون الهوية الوطنية لتكون وحدها الصيغة النهائية التي تحكم الدولة والمؤسسات.
في ذكرى 13 نيسان وبعد ثلاثين عاما من انتهاء الحرب لم نستطع أن نبني دولة ولم نستطع أن نحمي الوطن ولم نستطع أن نغير شيئا فبقي الوطن أسير الرهانات والخيارت الخارجية وبقي الوطن أسير المذهبية والطائفية البغيضة وها نحن اليوم ندفع الثمن وقد خسرنا كل شيء .