وفقاً لما يعكسه الوسطاء الذين تحركوا بين بعبدا وبيت الوسط، وكذلك وفقاً لاجواء المحادثات التي اجراها الموفدون العرب في بيروت خلال اليومين الماضيين، رئيس الجمهورية يعتبر ان الرئيس سعد الحريري لا يريد ان يشكل حكومة، وانه سيبقى يماطل لأطول وقت ممكن. وهذا ما يفسّر من جهة هروبه المتواصل في سفرات متتالية الى الخارج، ومن جهة ثانية محاولة استئثاره بتأليف الحكومة والسعي لفرض اعراف جديدة وتحويلها قواعد للتأليف تتجاوز موقع رئيس الجمهورية وصلاحياته، وبمعنى آخر انه يحاول ان يستنزف العهد.
واما الرئيس الحريري، بحسب هذه الاجواء، فهو قد وصل الى قناعة بأن رئيس الجمهورية يسعى الى إحراجه فإخراجه ودفعه الى الاعتذار عن عدم تشكيل الحكومة وانه بدأ وضع العصي في طريقه حتى ما قبل تكليفه وكذلك ما بعده، وبالتالي فإن الرئيس المكلف لا يرى امكانية للتفاهم في ظل هذا المنحى، وكذلك مع الطروحات التي يقدمها رئيس الجمهورية وفريقه السياسي والاساس فيها الثلث المعطل بقصد التحكم بالحكومة والامساك بقرارها.
ويعترف الوسطاء بأن كلّ المحاولات السابقة للتقريب بين عون والحريري وتدوير الزوايا الحادة بينهما قد فشلت، وكل المحاولات اللاحقة ستفشل حتماً، ذلك ان التباينات بينهما متشابكة بشكل رهيب وثمة صعوبة جدية وبالغة في تفكيكها، وخصوصا بعد دخول العامل الشخصي بطريقة شديدة الحدة بينهما، الى حد تبادل مشاعر حادة من نفور فما فوق، وهذا ما تمّ تلمّسه في المحادثات التي اجراها الوسطاء مع الطرفين والتي اظهرت هوّة شديدة العمق بينهما. فكلاهما على قناعة اكيدة بأنّ الآخر هو المعطّل للحكومة، وهو المصرّ على اشعال الازمة. وبالتالي، فإن ردم الهوّة بينهما بما يؤدي الى تشكيل حكومة، بات بحق يتطلّب معجزة. وحتى ولو حصلت هذه المعجزة وتشكلت الحكومة، فكيف يمكن لحكومة أن تقلّع وتحكم وتقوم بإصلاحات مع عقليتين متنافرتين؟