على الرغم من مرور ثلاثة أسابيع عليها، ما زالت زيارة وفد "حزب الله" إلى روسيا تتفاعل. ففي تقرير نشره موقع "المونيتور" الأميركي، تناولت الصحافية منى علمي الزيارة المتزامنة مع الأزمة الحكومية في بيروت وتدهور الأوضاع في دمشق، خالصةً- استناداً إلى آراء خبراء- إلى أنّ موسكو تتطلع بشكل متزايد إلى تحقيق تقدّم في لبنان لحماية أصولها في سوريا.
ونقلت علمي عن الباحث في "مجلس الشؤون الدولية" الروسي، أنطون مرسادوف، ترجيحه أن تكون زيارة "حزب الله" إلى روسيا ركزت بشكل أساسي على لبنان وليس سوريا، "على الرغم من أنّ موسكو تعتبر أنّ مصالحها في لبنان وسوريا مترابطة".
وقال مرسادوف إنّ الزيارة ساعدت موسكو على تصوير نفسها كلاعبة قادرة على التفاوض مع جميع الأفرقاء، حيث تزامنت زيارة وفد "حزب الله" مع زيارة وفد إسرائيلي، مشككاً في كون ذلك "صدفة". ورأى مرسادوف أنّ موسكو تتعمد بث شائعات في المنطقة لتعزيز وزنها السياسي، مؤكداً أنّ الأنباء عن أنّ موسكو طلبت من "حزب الله" تقليص نشاطه في سوريا غير صحيحة.
بدورها، ألمحت الباحثة في "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى"، آنا بورشفسكايا، إلى أنّ موسكو تحاول لعب دور صانعة الزعماء عبر الاستفادة من الوضع الراهن لتوسيع نطاق دورها. وإذ رجحت الخبيرة أن يمنح "حزب الله" موسكو وصولاً أكبر إلى الملف اللبناني بسبب "ضعف موقفه"، أوضحت أنّ عنصريْن يهمان روسيا على هذا المستوى.
وشرحت بورشفسكايا أنّ موسكو تبدي اهتماماً بلبنان، لأنّه يساعدها على ضمان نفوذها في سوريا وعلى بقاء الرئيس السوري بشار الأسد (عبر نظامه المصرفي مثلاً) من جهة، ولأنّه يضطلع بموقع استراتيجي على ساحل المتوسط من جهة ثانية، إلى جانب الأقلية المسيحية فيه.
وقالت بورشفسكايا: "لطالما أبدت موسكو اهتماماً بلعب دور أكبر في المشهد السياسي اللبناني". وفي تعليق على موقف روسيا من الرئيس المكلف سعد الحريري، قالت الخبيرة: "تنظر موسكو إلى الحريري باعتباره شخصية قادرة على ضمان مصالحها"، مذكرةً بأنّ الحريري وافق على الهبة العسكرية الروسية في أواخر العام 2018، وذلك بعد سنوات رفض خلالها لبنان عروضاً مماثلة من موسكو.
وقالت بورشفسكايا إنّ الحريري وغيره من السياسيين اللبنانيين يميلون إلى اعتبار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وسيطاً قادراً على توفير قناة سرية بين "النظام السوري وخصومه اللبنانيين".
بالعودة إلى مرسادوف، فقال: "من الواضح أنّ روسيا ترى لبنان جزءاً من مسارها في سوريا، لذا ستسعى جاهدة إلى لعب دور في هذا المجال بهدف الاستفادة من نفوذها عقب تدخلها في النزاع السوري"، معتبراً أنّ أحد أهداف روسيا الأساسية في الشرق الأوسط ينطوي على "عدم خسارة النفوذ بعد سوريا". لقراءة