أولاً: كلاب إبنة هولاكو...
كانت ابنة السلطان المغولي هولاكو الذي اجتاح بغداد عام ١٢٥٨ للميلاد، وعاث فيها خراباً وحرقاً وقتلاً، بعد أن قضى على الخلافة العباسية، تجول في بغداد فرأت قوماً يتحلّقون حول رجلِ دينٍ يعِظهم ويرشدهم، فقالت لمرافقيها: ماذا يفعل هذا الذي يجتمع حوله الناس؟ قالوا: يدعو لله، فقالت: ائتوني به مخفوراً، فجرّوه من رجله ونزعوا عمامته، وأُلقيَ بين يديها، فقالت: تدعو لله؟ قال نعم، قالت: لكنّ الله نصرنا عليكم ولم ينصركم علينا، فقال لها: فُكّي وثاقي حتى أُجيبك، فأمرت بفكّ وثاقه، فقال لها: إذا شردت الخراف وتبعتها النّعاج، ولم يتمكن الراعي من لمّ شعثها وإعادتها إلى الحظيرة، فماذا يفعل؟ أجيبيني، فقالت: يُرسل كلابه وراءها، لكن ماذا تعني؟
قال: إجابة صائبة.
ثانياً: سيف العقوبات الخارجية على الطبقة السياسية الفاسدة...
حاول المجتمع الدولي منذ أكثر من تسعة أشهر( تاريخ إنفجار مرفأ بيروت النووي في الرابع من شهر آب العام الماضي) إخراج لبنان من أزماته المالية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمعيشية المتفاقمة دون جدوى، فقد ذهبت جهود الرئيس الفرنسي ماكرون سُدىً بعدما زار العاصمة بيروت مرّتين خلال شهرٍ واحد، واعداً بزيارةٍ ثالثة لم تحصل بسبب تخاذل المسؤولين عن تأليف حكومة جديدة، وبعد نقض تعهداتهم بتسهيل مبادرته الإنقاذية، عادوا إلى التزاحم على مواقع النفوذ في السلطة والإدارة والأمن، ولم تنفع بعد ذلك مناشدات المُخلصين الداخليّين (البطريرك مار بشارة الراعي في مقدمهم)، كما لم تنفع مبادرات أصحاب النوايا الحسنة وتقديم المصلحة العامة على المصالح الخاصة( الزعيم وليد جنبلاط والرئيس نبيه بري)، كما لم تنفع تحذيرات قائد القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، وتتالت التحذيرات الخارجية التي تنذر بزوال البلد المنكوب بنظامه وكيانه (وزير الخارجية الفرنسية)، حتى لاحت في الأفق أخيراً سيوف العقوبات الأمريكية-الأوروبية، علّها تكون رادعة وزاجرة ككلاب إبنة هولاكو حين أصابت الجواب على السؤال الصعب.