وصف مسؤول كبير الوضع في لبنان كالآتي: «الناظر إلى الحركة السياسية على سطح الأرض اللبنانية يظنّ لوهلة أولى أنها اعتيادية في بلد طبيعي، لقاءات ومواقف وتصريحات وبيانات وسجالات واجتماعات، ولكن باطن هذه الأرض يهتزّ بفعل أزمات وجودية ومصيرية أشبه بالزلازل الكبرى، وفي حال لم تعالج هذه الأزمات سريعاً فإنّ هذه الأرض معرضة للسقوط على رؤوس من فيها».
ورأى هذا المسؤول «ان المسؤولين «مركبين خلَيفاني» ويقودون البلد إلى المهوار، وبدلاً من ان يكون السعي إلى تأليف الحكومة يشكل الهدف والشغل الشاغل، تحول الاشتباك اليومي بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف القاعدة في ظل هوة عميقة تفصل بينهما، وغياب أي نيات جديّة للتسوية والتراجع إلى حدود الالتقاء ضمن مساحة مشتركة، فلا هذا الرئيس في وارد التراجع، ولا ذاك في وارد التساهل، وكأننا أمام مسلسل «مكسيكي» طويل».
واضاف: «بالتوازي مع الاشتباك الرئاسي نتوقف أمام ثلاثة مكونات تظهر بدورها عاجزة عن فعل اي شيء حتى اللحظة:
ـ المكون الأول هو القوى السياسية التي تقف على مسافة واحدة من الرئيسين، والتي تجد نفسها عاجزة عن فعل اي شيء بعدما اصطدمت كل وساطاتها ومساعيها بالجدار الحكومي المقفل.
ـ المكون الثاني يتعلق بالشعب الذي أطفأ محركات ثورته على أثر الوباء الكوراني واستفحال الغلاء، فانتقل من موقع الفعل والمؤثِّر في مجرى الأحداث، إلى المراقب والمتفرِّج على الانهيار الذي جعله في موقع المحبط والمنكفئ واليائس.
ـ المكون الثالث هو كناية عن المجتمع الدولي الذي تحرّك في الداخل والخارج، من حركة سفراء لا تهدأ وتعكس اهتمام عواصم القرار بمصير البلد أكثر من المسؤولين القابعين على كراسيهم في السلطة، ولكن هذه الحركة لم تتمكن حتى الآن من كسر حلقة الفراغ، إلى تحذيرات دولية متواصلة من مغبة عدم تأليف حكومة، وصولاً إلى التلويح بعقوبات على المسؤولين اللبنانيين، ولكن لا حياة لمن تنادي.
وتابع المسؤول نفسه: «في موازاة هذه المكونات تقف حكومة تصريف الأعمال حائرة في أمرها، وبدلاً من ان تصرِّف الأعمال في حدود ما يتيح لها الدستور الذي لا يسمح بانهيار البلد ولا ان يجوع شعبه، استقالت من مسؤولياتها الوطنية التي يلزمها الدستور بممارستها متابعة لشؤون الناس وأوضاع البلاد، لأن الدساتير وضعت لمصلحة الناس وخدمتها لا العكس». وختم: «الصورة قاتمة والأفق السياسي مقفل تماماً والانهيار يتواصل وقدرة الناس على التحمُّل تتضاءل، والمخاطر على البلد تتعاظم في حال استمر الدوران في حلقة الفراغ نفسها».