العراضة الإعلامية التي أقامها حزب الله يوم أمس في مدينة بعلبك والتي أعلن من خلالها عن جملة مشاريع إنمائية وصحية في منطقة البقاع، لم تكن لتحصل لولا تحسس حزب الله وشعوره أن البيئة أصبحت مهيئة جدا للإنفجار، وأنها أصبحت جاهزة للخروج عن السيطرة.
كنا قد أشرنا منذ أيام أن الحزب يخسر جمهوره وأن بضعة ليترات من المازوت لن تحل الأزمة وعدد من البطاقات التموينية ليست كافية، فلم يكن هذا الاستقطاب على مستوى ما يحصل داخل البيئة الشيعية في البقاع، فخرج الحزب يوم أمس بزخم إعلامي أكبر ليعلن من خلال نوابه، ومن خلال المنطقة التنظيمية عن عدة مشاريع إنمائية وصحية في منطقة بعلبك الهرمل المنكوبة منذ عشرات السنين فهل وعى حزب الله اليوم حجم المعاناة والحرمان والإهمال فبادر إلى هذه التظاهرة الإعلامية ليمنّ على البقاعيين بحقوقهم؟ أم أن الحزب استشعر عمق الأزمة التي تصيبه شعبيا فبادر اليوم حتى لا يخسر هو فقط لأن الخسائر في البقاع هي منذ عشرات السنين، ولأن الحرمان في البقاع مرض مزمن، ولأن الإهمال والتهميش هو سياسة مقصودة لتبقى هذه البيئة تحت السيطرة، ولكن ما يحصل منذ عام حتى اليوم أصبح مكلفا وكان على حزب الله المبادرة لاستعادة الشارع، الشارع الذي كفر من الكذب السياسي والحزبي، والذي كفر من الشعارات والانتصارات حدّ التخمة، لكنها التخمة القاتلة التي لا تطعم جائعا ولا تلبس عاريا ولا تسد رمق عاجز أو محتاج.
حزب الله عاجز اليوم أكثر من أي وقت مضى ولأنه عاجز يلعب بالناس، بجمهوره، بعواطفهم وبإيمانهم ليظهر في مشهد أمس ليستعيد المبادرة ببضعة مشاريع لا تلبي الحد الأدنى مما كان عليه أن يفعله منذ عقود وهو الذي يختزل العمل الإنمائي في البقاع في نواب ووزراء ظهروا جميعهم يوم أمس بعد غياب طويل.
إقرأ أيضا: حزب الله يستورد كميات كبيرة من اللقاح الروسي!!
منطقة البقاع وبعلبك الهرمل تحديدا كانت وما تزال المنطقة الأكثر بؤسا وحرمانا، ومنذ عشرات السنين حتى اليوم مثّل حزب الله المنطقة في مؤسسات الدولة وفي المجلس النيابي وفي الحكومة وفي قراءة صغيرة للإنجازات الإنمائية والمعيشية وحتى الأمنية لم نجد سوى الوعود وتراكم الوعود وغياب شبه تام للنواب والوزراء في لحظات الرمق الأخيرة.
حزب الله ما زال يراهن على استعادة حضوره، وأما رهان الناس فقد خاب، وخاب أكثر مع تطور الأزمة المعيشية بشكل متسارع فيما وقف حزب الله مكتوف اليدين امام كل ما يحصل في بعلبك الهرمل وليس آخره من غارات الأجهزة على المطلوبين وتصفيتهم وإبقاء المنطقة كساحة حرب بعيدا عن اي تحرك هادف وجاد لوضع حد لما يحصل.
إن هذه التظاهرة الإعلامية لبضعة مشاريع لن تنطلي على البقاعيين وهي كانت من أبسط حقوقهم وليس لحزب الله أو نوابه أن يمنّوا على الناس بأقل واجباتهم وبحقوقهم المكتسبة وقد فات الاوان لشراء الذمم والاصوات لأنه زمن الجوع الذي لا تصلح معه الشعارات والانتصارات والعراضات الاعلامية.