تتوالى المشاهد السياسية في لبنان بين ليلة وضحاها، ولم يعد ثمة ثوابت ولا تسويات، بل لم يعد لدينا هنا أو هناك من دستور لا في بعبدا ولا في بيت الوسط، الدستور الذي يلجأ إليه رجال الدولة لمعالجة العقد أو الخلافات.
إن ما رأيناه يوم أمس أكثر المشاهد السياسية تفاهة وصبيانية، بل أكثر المشاهد السياسية المقززة، سجال على الأوراق، وعلى المنابر بين رئيس الدولة ورئيس مكلف تشكيل حكومة في بلد أصبح قاب قوسين أو أدنى من الإنهيار.
شروط الرئيس عون أم شروط الرئيس المكلف ليس فيها شرط واحد أو بند واحد لمعالجة الأزمة، شروط الرئيس أو شروط الرئيس المكلف ليس في بنودها برنامج عمل واحد لحل الأزمة، وليس فيها بند إنقاذي واحد، كل ما هنالك سجال معيب ومخزي لم يخرج من المصالح الشخصية والحزبية كما لم يخل أيضا وأولا وأخيرا من الإملاءات الخارجية.
إقرأ أيضا: نصر الله وتصويب الإتجاهات
الحريري الذي تحول إلى "بطل" بعد خروجه أمس من قصر بعبدا سبيقى بطلا من ورق ولن تجعله العراضات الإعلامية والفايسبوكية بطلا وطنيا لأنه فاشل في السياسة وفاشل في كل حكوماته وهو فاشل اليوم أكثر من أي وقت مضى وسيبقى رئيسا مكلفا بلا صلاحيات طالما بقي الرهان على نتائج رحلاته السياحية التافهة.
الحريري على رأس حكومة اختصاصيين تراعي متطلبات الوضع الراهن هي الكذبة التي يروج لها هنا وهناك وكأن الحريري اختصاص معالجة أزمات اقتصادية في وقت يشهد تاريخه السياسي على أنه رئيسا لكل الحكومات الفاشلة وبالتالي ليس هو المنقذ ولن يكون، لكنها المناورات السياسية المرتبطة بالخارج وبالاملاءات المرتبطة باستكمال المشروع الذي لم ينته بعد.
كان لبنان وما زال وحتى هذه اللحظة ساحة للتجاذبات السياسية الخارجية وساحة لتصفية الحسابات بين الدول، وهو كذلك الآن والحريري اليوم يخرج كبطل في هذه المسرحية وهو دولار المرحلة وغبّ الطلب، لذلك نحن أمام أدوات ودمى لتدمير البلد وتقديم صكوك الطاعة والولاء خارج الحدود وليس للبنان أي نصيب من هذه البطولات المزعومة والفارغة والتافة كتفاهة المشهد الذي جعله بطلا .
إقرأ أيضا: عون والحريري والرقص على أوجاع اللبنانيين
بين دولة ميشال عون ودولار الحريري وجوه الكذب السياسي أصبحت مكشوفة، ودولار الحريري في السوداء أصبح مكشوفا، وما بقي هو مجرد لعب على حافة الهاوية وحبل الكذب بين بعبدا وبيت الوسط ما زال طويلا لأن للحريري أجندته الخاصة وللرئيس عون أجندته الخاصة ولذا فالمشكلة ليست في عون وحده وإن تبرئة الحريري مما يحصل هي كيد سياسي بل كذب موصوف ومقصود تديره أروقة الشارع الحريري وبالدولار كأداة لمزيد من الضغط واللغط.