بعد وفد حزب الله ركبت حركة طالبان الفان الروسي بدعوة مباشرة من الخارجية الروسية بهدف المساعدة في المصالحة الأفغانية التي ترعاها الإدارة الأميركية لإنهاء الصراع و تثبيت عملية السلام وفسح المجال أمام طالبان كي يعودوا من كهوفهم ويتصالحوا مع النظام و التأسيس معه لمرحلة من التعاون بغية المشاركة الفعلية في مستقبل أفغانستان السياسي .
طبعاً لا تبحث روسيا عن مساعدة أميركا في الملف الأفغاني بقدر ما تحاول نيل الإعتراف بها كدولة لها دوراً في محيطها كما تفعل ذلك في منطقة الشرق الأوسط من خلال امتلاكها للقرار السوري من قبل أميركا تحديداً و الغرب عموماً لذا تتبرع يومياً بمساهماتها في حل النزاعات دون أن يُطلب منها كما فعلت في ليبيا وهي أقل الدول تأثيراً فيها وكما حاولت فاشلة في العراق الذي لم ينتبه لدورها رغم محاولات الإسلاميين العراقيين من قبيل حزب الدعوة الى فسح المجال أمام دور روسي في العراق .
في كل مرة تطرح الدبلوماسية الروسية فكرة عقد مؤتمر دولي يجمعها مع أميركا و يضمها مع أوروبا لوضع سياسة أمن لمنطقة الشرق الأوسط في محاولة مكشوفة منها للعب دور ريادي في منطقة لا ملعب لها فيه وبغية ارتفاعها الى مصاف الدول الكبرى باعتبارها شريكاً كاملاً في الأمن وفي الثروة رغم عدم سماع أميركا و أوروبا لعروض روسيا المتكررة لضعف الداعي و عدم امتلاكه لأوراق القوّة .
إقرأ أيضا : لبنانيو الدولار و لبنانيو الليرة
يبدو أن روسيا قد استهدت على الخيول الإسلامية أو انها قررت ركوب صهوة الخيل الإسلاموي بعد أن خبرت العلاقة مع الإسلاميين عن قرب ففي سورية دشنت روسيا أولى علاقاتها بالجيل الجديد من تنظيم القاعدة وتركت لداعش حرية الإستثمار في النفط السوري ولولا أميركا لبقي تنظيم داعش في الرقّة بحيث أنها لم تستهدف التنظيم المذكور بأي طلعة من طلاعات طائراتها المدمرة وثمّة من يشهد على علاقة قوية تربط روسيا بتنظيم القاعدة منذ أن استدار التنظيم وتخلى عن علاقاته بأميركا وقرر تفخيخ و تفجير المصالح الأميركية وهذا ما متّن من علاقة روسيا بالقاعدة ومن ثمّ بحركة طالبان ويبدو أن خدمات عديدة وفرتها روسيا للقاعدة ولطالبان وقد أثمرت العلاقات التركية – الروسية في محطات كثيرة عن تعزيز و تمتين العلاقة مع جماعة الإخوان المسلمين وكانت أولى بركات هذه العلاقة التعاون مع روسيا في سورية فتم سحب كل المقاتلين من المدن و الأرياف و تسليمها لروسيا وجمع المسلحين في إدلب بعد أن عجز النظام ومن معه على تحرير حي توما في دمشق طيلة سنوات من الحرب .
وثمّة من يشير الى دور الإخوان في تهدئة جهاد الجهاديين الشيشانيين ضدّ روسيا إذ ليس من قبيل الصدفة توقف عمليات الشيشانيين ضدّ روسيا وذلك تلبية لمنطق العلاقة التي تربط و تجمع الإخوان و الإسلاميين عموماً بروسيا والتي تستوجب التعاون لمواجهة أميركا باعتبارها العدو المناسب في هذه المرحلة .كما أن الجولة الأخيرة من الحرب المفتوحة مابين أذربيجان و أرمينيا قد شهدت سعياً إخوانياً لصالح الدور الروسي وهذا ما كرّس انتصاراً لأرمينيا على الحقوق الأذربيجانية .
نحن أمام نشاط روسي غير عادي ولم يعد عند حدود سورية فقط بل دخل نزاعات المنطقة من خلال التحالف مع الإسلاميين على اختلاف تشكيلاتهم وهذا ما سيفتح وسيعطي لروسيا الفرصة التي تنتظرها كي تكون على قدم وساق مع الدور الأميركي .
يبدو أن بايدن ومن خلال تسخيفه لبوتين غيرملتفت لروسيا وما فرضُ مزيد من العقوبات الأميركية عليها إلاً مزيداً من الطعن فيها كدولة قاصرة من دول العالم الثالث .