ظهرَ بالأمس السيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله في إطلالة تلفزيونية، ليتحدث خلافاً للعادة، باستفاضةٍ عن الوضع اللبناني الداخلي، فعدّد واستعرض معظم العوامل والأسباب التي تراكمت خلال ثلاثة عقود من الزمن، وأدّت للإنهيار الشامل الذي نتخبط فيه هذه الأيام، وجرياً على بعض عاداته، أصرّ السيد نصرالله على تبرئة حزب الله من المشاركة أو المُعاضدة في كافة المفاسد والموبقات و"الجرائم" المالية التي ارتُكبت( يُبنى الفعلُ على المجهول، فالسّيد يتعمّد تجهيل الفاعل) خلال العقود الثلاثة الماضية، ومع اعترافه بفداحة وفضاعة ما لحق بالمواطنين والمواطنات من قهرٍ وفقرٍ وجوعٍ وإذلال، إلاّ أنّه تعمّد إغفال الدور الحاسم الذي قامت به الطبقة السياسية الفاسدة خلال الخمسة عشر عاماً الماضية(أي منذ انتهاء عهد الوصاية السورية على لبنان وتصدّر حزب الله المشهد السياسي في لبنان)، والتي كان لحزب الله دوراً حاسماً وبارزاً خلال تلك الفترة، والتي ابتدأت باقتحام الحزب عسكريّاً لمدينة بيروت عام ٢٠٠٨، التي أعقبها اتفاق الدوحة الذي سمح بانتخاب ميشال سليمان لرئاسة الجمهورية، ومن ثمّ إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري في العام ٢٠١١، والتّسبُّب بفراغ دستوري رئاسي لمدة ثلاثين شهراً لفرض انتخاب الجنرال عون رئيساً للجمهورية، وآخر المطاف تركيب حكومة الرئيس دياب "الإصطناعيّة"، التي فاقمت الإنهيارات المأساوية على كافة المستويات والصُّعُد، وللأسف الشديد، لا يُعير السيد نصرالله بالاً لمساهمات حزبه في ما آلت إليه أوضاع لبنان المأساوية تحت "وصايته" التي استجدّت بعد الإنسحاب السوري من لبنان عام ٢٠٠٥.
إقرأ أيضا : عون..على الحريري تأليف حكومة وِفقَ إرادتي ورغبتي، فهل أنا مُلام؟
من فوق ركام الأزمات الاقتصادية والمالية والسياسية والمعيشية والحياتية التي تعانيها البلاد هذه الأيام الحالكة، وأمام انسداد الوضع الحكومي، والعجز المتمادي في تشكيل حكومة جديدة، وجّه السيد نصرالله نصيحة "مجانية" للرئيس الحريري بالإقلاع عن تأليف حكومة تكنوقراط مستقلين، والسّعي لتأليف حكومة "مُحاصصة" سياسية، كي يتحمل سائر الفرقاء السياسيين المسؤوليّات الجِسام التي تنتظر الحكومة العتيدة، هذا في حال تأليفها في المدى المنظور، قبل أن نصل إلى ما يبدو أنّه بات قدَراً محتوماً، ولم يُخفهِ السيد نصرالله هذه المرّة، وهو المبادرة إلى أن يضع حزب الله يده على البلد، وللمفارقة، كان الشيخ ياسر عودة قد نفد صبره، ودعا إلى خطوةٍ كهذه قبل أيام، رغم ما سيترتّب على ذلك من مخاطر عدّة على لبنان، كياناً ونظاماً.
رئيس الجمهورية يدفع باللبنانيّين نحو جهنم، والسيد نصرالله ياخذهم الى "حيثُ ألقت رحلها أُمُّ قشعمِ".