ايها المواطن، شقيت وتعبت وجمعت وديعة مصرفية بقيمة 100 الف دولار (على سبيل المثال) وضعتها في المصرف، وبعدها فوجئت انّ المصارف حجزت الودائع بموافقة السلطة. ولكن، يتبيّن انّ في امكانك عن طريق صرّاف ان تقبض أقل من 30 الف دولار، لقاء تحريرك له شيكًا بالمبلغ الكامل اي 100 الف دولار. هذا يعني انّ الصرّاف بطريقة ما سيعيد الشيك الى المصرف ويأخذ من المصرف ما لا يدفع لك منه اقل من 30 الف دولار نقداً.
لا نعرف ما هي العلاقة بين الصرّاف والمصرف. فالمصارف تدّعي انّها غير معنية بعمل الصرّافين، وكأن الصرّافين يعطون الشيكات لمجهول. وكيفما كان شكل العلاقة بين الصرّافين والمصارف، النتيجة واحدة وهي انك أرحت المصرف من وديعتك التي تبلغ 100 الف دولار وقبضت أقل من 30 الف دولار.
يقول بعض اصحاب المصارف، انّ المسؤولين في الدولة اخذوا من مال الودائع ولم يرجعوها، ولذلك تعسّر عليهم اعطاءك مالك واتبعت الطريقة المذكورة أعلاه.
وفي الواقع، مصرف لبنان المركزي هو المؤسسة الوحيدة التي تملك السلطة لأخذ المال من المصارف/ وهي في الوقت نفسه تدفع الاموال لجهات مختلفة. وقيل للجميع إنّ الاموال فُقدت، اذا ما حصل سيُعرف حصراً عن طريق تدقيق حسابات المصرف المركزي.
اذاً، لتعرف ماذا حصل، الخطوة الاولى والأساسية هي الاطلاع على تقارير شركتي «ديلويت اند توش» و«ارنست اند يوغ» اللتين دققتا في حسابات المصرف المركزي على مدى 26 عاماً (المؤتمر الصحفي لرياض سلامة 2 آيار 2020).
فعندئذ يُعرف كيف حصلت المأساة، ويصبح ممكناً البحث عن حلول. فليس من المنطق ان يتمّ البحث عن حلول لمشكلة غير معروف تفاصيلها. وهنا لا داعي لأحد ان يتسلّح بقانون السرّية المصرفية لأنّها تحمي فقط صاحب الوديعة في المصرف، ولا توجد ودائع خاصة في المصرف المركزي افراد او شركات، والحسابات بينه وبين المصارف تُنشر سنوياً من ضمن التقارير السنوية للمصارف.
لا داعي لأي شركة تدقيق جنائي او غير جنائي جديدة، ولا جدوى من حكومة جديدة، وتدخّل دول اخرى، قبل الإطلاع على تقارير الشركتين المذكورتين أعلاه.
التدقيق بتعريفه هو التحقّق من صحة البيانات المالية والتحذير من وجود خطأ ما اذا وُجد، واذا تبيّن انّ هذه التقارير غير مجدية، حينها يُعتبر تقصيراً من الشركتين والمسؤولين اللبنانيين. فإذا حصل ذلك نطالب بتدقيق جديد، جنائي او غيره.
إذا كنت تريد الحل اليوم، تريد حكومة او سلطة تكون شفافة وتُطلعك بالتفصيل على ما حدث وكيف أُخذت الودائع، لكي لا يتكرّر هذا الامر مرة أخرى.
ولا يمكن لحلّ سليم أن يأتي عن طريق الحكومة من دون مساهمة الشعب فيه. ولذلك أكرّر، أنّه يجب ان يطلع الجميع على تفاصيل ما حدث للوصول الى حلول سليمة.
طالب اليوم كل مسؤول بالكشف عن هذه التقارير وبدعم تطبيق وتنفيذ قانون «الشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة»، وإذا لم يتجاوب مع المطلب، دعه يتأكّد من انك لن تصوّت له او للجهة التي ينتمي اليها.