إنهم مرضى أو أصحاب عاهات أو انهم يغطون في نوم عميق أو دخلوا دفعة واحدة في (كوما) جميلة يرون من خلالها جناتهم المتعددة المزارع و الأنهار بعد طول سهر على أموال حصلوها بشق الأنفس وكدسوها في كروشهم مخافة أن تأكلها فئران البنوك وكان حقاً عليهم صرفها بترفيه غير ممل فيه من المتع ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطرت على بالي أحد من حيتان المال في العالم .
لذا نعذرهم ونعتذر منهم فليس على المريض حرج ولا على الأعمى حرج ولا على الأصم حرج ولا على الأكمه حرج ولا على الأبله حرج ولا على المتعكز حرج ولا على أغنياء السياسة من حرج كونهم معذرون في عدم سمعهم فقد سُدت مسارب أسماعهم فما عادت الشتائم و طول الدعاء عليهم تشفي أمراضهم المزمنة و أسقامهم الجديدة ومن أجل ذلك هم غائبون تماماً عن حيث يجب أن يكونوا .
الله جلّ جلاله قد عذرهم على ما هم فيه من تقصير لا في حقه كونهم أئمة جماعة و جمعة وسبت و أحد وطيلة أيام الإسبوع تلهج ألسنتهم بذكر الله إلا بذكر الله يطمئن المطمأنون بحياة الرغد ولكن على تقصيرهم تجاه الرعية قسراً لا طوعاً فلا وقت عندهم كي يصرفوه على الناس فشغلهم الشاغل مرضاة الله فمن طلوع الشمس حتى الطفول يبقون كطنين النحل في صلاة و عبادة .
لذا أطال له بأعمارهم وقال لهم لا مساس فكل واحد فيهم يقيم في محراب الحزب أو الطائفة أو الجماعة أو المذهب أو الوزارة أو النيابة أو أو أو الى حيث تنتهي آجال الناس وتمضي أجيال تلو أجيال الى حتوفهم وهم يبقون في محاريبهم بين قيام و قعود وقد ابيضت وجوههم من سواد الليل .
نعمة الوطن هم ذخيرة الدولة هم آلهة الشعب هم أساطير الزمان القديم و الجديد هم وقد تحدثت عنهم جماعات من البلغاء ممن كتبوا فيهم ملاحم من البطولة أين منها كتب الأساطير القديمة فهذا حمل الكون بإصبعه الأوسط وذاك بخنصره وذيّاك بإبهمه وكانوا صنّاع التاريخ منذ نشأة أوّل آدم ويقنعك الوعاظ بذلك ويسردون حكاياهم عن قال و قيل فيخدرون الناس بمخدر الخوف ورهبة القائد الفذ الذي صوره الله بصورة مختلفة تماماً فهي لا تشبه صورة أحد من العباد .
أيها الثوار...
لمن تصرخون ؟ وعلى من تقطعون الطريق ؟ ولماذا الخروج الى الشوارع ؟ ولماذا المشبعة بعلامات الإستفهام طالما أن المسؤول غير مسؤول ولا مجال لجعله غير مسؤول لأنه يملك كل شيء حتى أرواحكم قبضة يديه ومعه العالم بأسره الذي يقف الى جانبه متفرجاً على فقركم وموتكم وضياع وطن كان من أحمل الأوطان و دولة كانت من الدول الجميلة في المرآة العربية تصوروا... أن ما حدث من جرائم بشعة بحق اللبنانيين و ما إنقجار المرفأ إلاّ شاهد حيّ على كمية هائلة من الجرائم المتتالية والمتلاحقة والنتيجة إنعدام الرؤية والمسؤولية تقع على الموتى والضحايا والبيوت والعالم المتفرج يمدّ هؤلاء بأسباب البقاء ...
أيها الثوار ..
صدقوني أن زمن الثورات إنتهى .. وبقي زمن الأقوياء . ولكنكم الصرخة المتبقية في واد الحكّام لعلّ من يسمع صوتكم من أقوياء الخارج اذا كان له مصلحة في أن يسمع لأن إمكانية الرهان على الداخل كسراب يحسبه الظمآن ماءً .