أجمع المتابعون والمراقبون، بأن ما حصل ليل الثلثاء الاربعاء من نزول الناس الى شوارع لبنان وساحاته إعتراضا على وصول سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية الى عشرة آلاف، لم يكن فقط كردة فعل طبيعية تشبه ما سبقها منذ 17 تشرين 2019 .
وصار واضحا أن حزب الله بالتحديد هذه المرة كان مساهما بكل ما حصل، حتى لا أقول بأن الحزب هو من يقف خلفها، ولهذا الاستنتاج مسوغاته ومبرراته الواقعية، إن من حيث دخول بعض الشوارع والمناطق التابعة لنفوذ الحزب على مشهدية التحرك (شاتيلا – طريق المطار – الحدث – النبطية – بعلبك ...) وغيرها
أو من حيث ردة فعل جمهور الحزب وصفحاته عبر التواصل الاجتماعي، حيث شهدنا ما يشبه الترحيب هذه المرة، فلا تخوين ولا سفارات ولا قطاع طرق، حتى أن سيدة حامل واحدة لم تصادف مرورها اثناء قطع أوصال البلاد وتسكيرها، ولا سلاح المقاومة توقف في الجية !!!
إلا أن إجماع هؤلاء المتابعون، والنتيجة التي توصلوا إليها عن دور للحزب بكل ما حصل، أو على الاقل "قبة الباط" هذه، فقد اختلفوا عن الخلفية والاسباب والرسالة التي أراد الحزب إيصالها وأيضا اختلفوا على هوية المرسل له.
إقرأ أيضا : التدويل الحلال، والتدويل الحرام
فمنهم من اعتبر أن المعني بذلك هو البطريرك وكلمته في التجمع الجماهيري في بكركي !!!، وراح آخرون للحديث عن اعتبار ما حصل كرسالة الى الخارج وتحديدا إلى أصحاب القرار الدولي كردّ على التهديدات الاسرائيلية بتوجيه ضربة لايران، وان هذا التحرك "المفتعل" بنظرهم ما هو إلا بروفا عمليه عن مقدرة الحزب على الامساك بكل جغرافيا البلد من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب وغيرها من القراءات المتشعبة والتي بحسب رأيي أصابت جزءا من الحقيقة.
وإن كنت أوافق تماما على أن الحزب هذه المرة كان له دورا فاعلا من خلف الستارة في ما شهدناه، وذكّرنا ذلك بالايام الاولى لثورة 17 تشرين ومشاركة بيئة الحزب يومها ولو بشكل اكثر وضوحا، وما قيل حينذاك عن سيناريو انقلابي مدبر مع جبران باسيل، يقضي بتفلت الشارع وإحداث فوضى عارمة تحت عناوين مطلبية، تؤدي الى تنحي ميشال عون عن الرئاسة وتسليمها لصهره جبران باسيل، كمخرج لحل الازمة من دون أن يجد المعترضون عليه (بري – جنبلاط – سعد – جعجع ...) من مندوحة للاعتراض او الرفض تحت وطأة الفوضى الحاصلة
إلا أنني أعتقد بأن الحزب هذه المرة، اراد من هذه "المناورة" فضلا على ما ذكر أعلاه، هو إرساله رسالة شديدة اللهجة ولكن الى جبران وعمه هذه المرة، والقول بأن الحزب الذي نجح في الامساك بالشارع وإطفاء نور الثورة والدفاع عن العهد وصهره، يمكنه بأي لحظة إذا ما اراد من إرخاء الحبل الممسك برقاب الناس، وتوجيهها مرة جديدة لقلب الطاولة فوق رؤوس الجميع ومن ضمنهم العهد نفسه، اذا ما استمر بتعنته وعناده برفض تشكيل الحكومة التي يريدها الحزب برئاسة سعد الحريري (صاحب لبن العصفور)، فهل ضاق صدر السيد من تعنت وأداء جبران وعمه السيء وتقديم مصالحهما الشخصية حتى ولو أدى ذلك الى الإنهيار الكامل وفتح ابواب جهنم ؟؟ أعتقد ذلك!