ماذا إذا قيّض لك ان تتابع الفيديو الذي نشرته داعش, وهو يظهر ما حل باثار متحف الموصل ومنحوتاته التاريخية على وقع الاهازيج الاسلامية. فماذا تقول؟ وبماذا نسمي هذه الهجمة؟ اليست اسلامية؟ الا نقول جرائم اليهود عند ارتكابهم الجرائم, الا نقول: الجرائم المغولية بحق هذه الشعوب التي استباحت بغداد ثلاثة ايام بلياليها قتلاً وحرقاً واغتصاباً .ألم نسمي الحملات الاوروبية في القرون الوسطى بالصليبية؟ وفتوحات الاسلام المجيدة, في رأي البعض, اليست فتوحات اسلامية؟ وثقافة القرن الرابع الهجري وحضارته الرائعة التي شعت على العالم اجمع, اليست اسلامية؟ وعصر الانحطاط اليس انحطاطاً إسلاميّاً؟ وحركة الافغاني ومحمد عبده ورشيد رضا اليست اسلامية؟ فجرائم هؤلاء المسلمين الذين يصرون بأنّهم يتبعون السيرة النبوية شبرا بشبر وذراعا بذراع وفق تعبير شكري مصطفى, مؤسس جماعة التكفير والهجرة، فمذابحهم إسلامية, انظر الى شراويلهم, لباس شرعي، ألا ترى كيف يُقيمون للمذابح شعائر اسلامية. شئنا ام أبينا, الا يبيعون النساء في الاسواق كما كانت تباع الفارسيات والديلميات والشركسيات والروميات والبربريات والحبشيات في اسواق المدينة ومكة وبغداد والقيروان وأصفهان. وهناك من ما زال يتحسر على تلك الايام العامرة بالعبيد والذهب والانعام، التي كانت ترد على بيت المال الاسلامي من نواحي المعمورة. وقد ظلّ الملك فؤاد حتى أوائل القرن العشرين يوزّع المحظيات الشركسيات على أصدقائه وندمانه.
إقرأ أيضا : أنيس النقاش..العواقب الوخيمة لانتقاد تيار المقاومة والممانعة.
نعم يا أخي, إنّهم مسلمون, والخوارج كانوا مسلمين, ونحن مسلمون وجيراننا الاقربون مسلمون, والابعدون ايضا أم أنّ القول بفئة واحدة ناجية الثنتين وسبعين فئةٍ في النار ما زالت صالحة؟ ولايخدعنّنا أحدٌ بعد اليوم,لايوجد اسلام واحد, يوجد اسلامات مُنوّعة إن صحّ التعبير. إسلام عربي، وإسلام هندي وباكستاني وتركي وفارسي وبربري واندونيسي وافريقي وشيشاني. حتى داخل كل قومية هناك منوعات. فالسعودي غير الاماراتي، قارن بين دبي وأية مدينة سعودية, أما في الاسماء فحدّث ولا حرج، عندنا إسلام البنا وقطب, وإسلام شكري مصطفى والترابي السوداني , وبن لادن والظواهري والامام الخميني , وإسلام صدام.اما آخر طبعة أصيلة ومُنقّحة، فهي إسلام الخليفة ابو بكر البغدادي. أعادنا الى أيام الخلافة، برموزها وفتنها وموبقاتها. من حروب الرِّدة حيث قُتل فيها عددٌ كبير من العرب, ويجزم الشيخ علي عبد الرازق بأنّها لم تكن حرباً دينية, ويستشهد بوقوف الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ضدها، سُبيت فيها نساءٌ وذراري، وقد أمر عُمر بإطلاق السّبي في ولايته قائلا: لا ينبغي لعربيٍّ أن يسترقّ عربياً، وتتالت الجرائم, منذ أن قتل القائد خالد بن الوليد من قتل في المغيط, رغم أنّ القوم كانوا قد نزلوا على حُكمه، ووَضعوا سلاحهم، أم عندما قام الحجاج بقصف الكعبة بالمنجنيق, مدفعية تلك الأيام، غير آبهٍ بمن تمسّك بأهدابها. ام نحدثكم عن القائد المسلم يزيد ابن المهلب عندما ذبح أربعين ألفاً من أهل جرجان وأجرى الماء في الوادي على الدّم، ليطحن بدمائهم ويختبز ويأكل براً بقسَمهِ، أم نحدثكم عن استباحة دم ابن بنت رسول الله الحسين بن على,وطافوا برأسه في البلاد، وسبوا نساءه, أم عن الخليفة العباسي المنصور عندما دعا من تبقى من وجهاء بني أمية الى وليمة عشاءٍ، وعددهم ثمانين رجلا, وعندما استووا على مقاعدهم أعمل السيف في رقابهم. حتى وصلنا الى ابي بكر البغدادي, فهو حتى الان يستنُّ بسنّة الرسول,ولا يبدو أنه سيخرج عليها. فهاهو يقاتل ويذبح وينتهك الاعراض ويسبي ويستبيح ويدمر تراثا حافظت عليه الاجيال قرونا طويلة, وبفضل ابي بكر اصبح الاسلام عالميا. فالمقاتلون يتدفقون من كل حدبٍ وصوب، حتى النساء الاوروبيات نزلن ساح الجهاد, للترويح عن المجاهدين الذين يبذلون ارواحهم في سبيل اعلاء كلمة الله وسلطانه .هذا كله مجلبة للهمّ وضيق الصدر، والرغبة في الاغماء.كما يُغمى على المرء أيام محنته. من هو القادر وسط هذا الدمار والعنف والظلام أن يُبلور أيّ نظامٍ فكري وأخلاقيٍّ قمينٍ بإيقاف هذه الامم المتنافرة، التي تدين بالاسلام على قدمين ثابتتين, بعد ان تخلت عن أعزّ وأهم ما يُميّز هذه المنطقة, عنيتُ بذلك التنوع الحضاري ,ديناً وعرقاً ولغةً وثقافة. تمّ تهجير اليهود أولا، وجاء دور المسيحيين والاشوريين والازيديين. والله المستعان من قبل ومن بعد.