كتبت مريانا نعضاد في "الجمهورية": تتضارب الآراء العلمية العالمية في مسألة تلقيح الحوامل للحماية من فيروس كوفيد-19، وأبرز رأيين هما:
1- لا يُنصح بتلقيح النساء الحوامل، وذلك لعدم شَملها في أيّ تجارب للقاح، إذا لم تتوافر أيّ بيانات علمية دقيقة عن تأثير اللقاح في الحامل.
2- تُدعى النساء الحوامل إلى تلقّي اللقاح، نظراً لتفوق منافع اللقاح على مخاطره.
في حديث لـ«الجمهورية»، لم يدعُ د. فيصل القاق، رئيس اللجنة التقنية لكورونا والحمل، وطبيب ومحاضر في الجامعة الأميركية في بيروت، الحوامل إلى تلقّي لقاح كورونا فحسب، بل دعا إلى إعطاء هذه الفئة أولوية في التلقيح، قائلاً: «عموماً، لا تُشمَل النساء الحوامل في الدراسات التجريبية للقاحات وغيرها من الأدوية لأسباب عملية ولوجستية مختلفة، لا سيما في ما يتعلق بشركتَي مودرنا وفايزر، علماً أنّهما كانتا تحت ضغط الاستعمال الطارئ للقاح كورونا، فلم يتسنَّ لهما الوقت الكافي لشمل الحوامل. في الحقيقة، لم يُشمَل الأطفال أيضاً في تجارب اللقاح، ولكن سوف يبدأوا بتلقيحهم في المستقبل القريب بعد إجراء الدراسات الإضافية لأشخاص دون الـ18 سنة».
ويتابع: «كل المقارنات التي أجريت في هذه الدراسات وسابقاتها، ومع فَهم طبيعة وتقنية عمل هذه اللقاحات، وتحديداً اللقاحات من نوع الـmRNA، لا تشير إلى أي مخاطر أو أضرار تُلحق بالأم أو الجنين، فلا تحتوي ڤيروساً حياً، ولا تدخل نواة الخلية، خاصة أنه في تجارب لقاح فيروس زيكا الذي يُشبه فيروس الـmRNA، لم يكن هناك مشاكل من اللقاح، ولا حتى بلقاح الأنفلونزا - وهو لقاح فيروسي أيضاً - الذي يُعطَى للحوامل، ولم تظهر أيّ مشكلة حتى يومنا هذا.
إنّ التحفّظ الوحيد علميّاً هو أنّ هذه الفئة لم تكن جزءاً من التجارب، كالعديد من التجارب السابقة التي انتهَت الى أن تأخذ الحوامل بنتائجها. الأساس هنا هو أنّ منافع الوقاية والحماية من مضاعفات كوڤيد الخطيرة ومنع الضرر، ومع وجود لقاح تمّت دراسة فعاليّته وأمانه بشكل جدي، تبقى أعلى من «احتمال» نظري عن وجود مخاطر - بَلكي صار شِي - غير موجودة أصلاً. لذلك، إنّ الكلية الأميركية لأطباء الأمراض النسائية والتوليد، والـCDC مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها، ومنظمة الصحة العالمية وغيرها من جهات طبية رسمية قالت: ما من سبب يمنع الحوامل من تلقّي اللقاح، على شَرط أخذ كامل المعطيات والمعلومات عن اللقاح من طبيبهنّ المختصّ. فضلاً عن ذلك، إنّ كل المنظمات والجهات المعنية العالمية تعطي أولوية اللقاح لعمّال الصف الأول الصحيين، وهم رجال ونساء، ومنهم نساء حوامل». كما لم تُظهر سجلات اكثر من 10 الآف حامل تلقّينَ اللقاح الى الآن أي مؤشرات مُنذِرة أو مضاعفات.
ويضيف: «أنا لا أدعو فقط إلى شمل الحوامل في حملة التلقيح، بل إلى إعطاء أولوية لهذه الفئة لحمايتها خلال الحمل والولادة والرضاعة، مُستندين الى الإجماع الدولي والمحلي لجهة عدم وجود سبب محدد يمنع إعطاء الحامل والمرضع اللقاح. ولكن ما لا يستوعبه البعض أننا وسط جائحة عالمية، وليس لدينا رفاهية الـ»دَلَع» على لقاح أثبت فعالية وأماناً.
في الواقع، إنّ نسبة النتائج الإيجابية في لبنان ما زالت مرتفعة، ما يعني أنّ نسبة العوارض الخطِرة هي مرتفعة أيضاً (وهي تصل إلى 5 % عند الحوامل). مستشفياتنا امتلأت أسِرّتها واستُنزفت آلات الأوكسجين... عم بتشَتّي علينا كورونا. أيّ شَمسيّة مناخِدها هي أحسَن من لا شَمسيّة. مرضى كورونا يتوفّون في منازلهم وعلى أبواب المستشفيات. الوضع صعب، لذا ليس لدينا رفاهية التفكير في عدم أخذ اللقاح».
يقول د. القاق: «الحمل بحدّ ذاته ليس عاملاً يرفع من خطر الإصابة بكوفيد-19، ولكن في حال إصابة الحامل بالفيروس، تكون أشد عرضة لمضاعفات العوارض الخطيرة، لا سيما إذا كانت في فصلها الثالث، ما يعرّضها إلى ولادة مُبكرة واحتمال الدخول إلى العناية الفائقة والإنعاش... إنّ الحوامل أساساً تعتبر فئة تستوجِب عناية خاصة، وقد لوحِظ أنّ الحامل المدخنة سابقاً، أو التي تعاني مضاعفات الحمل، مثل سكري الحمل أو ارتفاع ضغط الدم لدى الحوامل، معرّضة أكثر للعوارض الشديدة».