المرعب أكثر بعملية إغتيال الناشط السياسي والباحث الفكري لقمان سليم، ليس هو قرار القتل، ولا هو وجود مجموعة تنفيذية قامت بالجريمة، ولا حتى الجهة التي تقف خلف الاغتيال ايا كان الفاعل، إنما المرعب بالموضوع اكثر، هو ما كشفه هذا الاغتيال من ترحيب وتهليل ورضى شريحة واسعة من جمهور لبناني لم يخجل من التعبير جهارا بالتأييد والموافقة تحت عنوان "قتل الخائن"!!
اعتقد ان هذه الظاهرة المرضية تستوجب التوقف عندها مليا، ومحاولة البحث الجدي حول ظاهرة "التخوين الجمعي" المستحق لانزال عقوبة الاعدام بعيدا عن القوانين مرعية الاجراء والدساتير المناط بها وحدها تحديد الجرم إن وجد وبالتالي تحديد العقاب المستوجب له.
بعيدا عن المقاربة السياسية للموضوع، فإن ظاهرة فكر "التخوين الجمعي" الذي تعيشه هذه الجماهير، هو بمثابة الولد غير الشرعي لفكرة "الارتداد"، وهنا تحديدا مكمن الخطر ودلالاته المتشعبة أن على مستوى "المرتد" نفسه وهنا نعني أي منتقد او معارض لحزب الله، بوصفه منتقدا ومعارضا لل" مقاومة "، والاهم هو الجانب المتعلق باتباع الحزب، ونظرتهم للموضوع بحيث يستبدلون بذلك "المقاومة" محل "الله" .
تستطيع وبكل سهولة ان تعيش في مناطق نفوذ حزب الله، وان تكون ملحدا مجاهرا بإلحادك، يمكنك بكل بساطة وسلاسة ان تكتب على صفحتك في الفيسبوك ابحاث مطولة عن الشرك والالحاد وان تنتقد الانبياء والرسل وان تدعو الى الكفر وعدم الايمان بالله، وان تسخر من القديسين والاولياء ولا تشعر البتة باي نوع من انواع الخوف، ولا ينتابك اي شعور بان القابض على كفره كالقابض على الجمر، حتى انك لا "تُخون" ولا "تُهاجم" ولا "تُسب" ولا "تُشتم" ولا "تُهان" وطبعا لا تلتفت اليك الجيوش الالكترونية
إقرأ أيضا : حزب الله يتهم نفسه باغتيال لقمان سليم
طبعا لست هنا بوارد الحث على فتاوى القتل والاقتصاص من "المرتد" الديني، وانا لا اشك بان الله سبحانه منح عباده حرية الكفر تماما كما منحهم حرية الايمان "من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"، وانما رميت وراء الاشارة الى هذه الناحية للاضاءة على نقطتين اراهما بغاية الاهمية
النقطة الاولى : هي هذا الخلط الوهمي المقصود والمتعمد والمدروس بعناية، بين "حزب الله" بما هو حزب يتعاطى الشأن العام له نوابه في المجلس النيابي (الذين من المفترض انهم يشرعون القوانين لكل اللبنايين وليس فقط لجمهورهم )، وله وزراء يستلمون وزارات تعني بتسيير شؤون كل اللبنانيين، واكثر من ذلك فلدى الحزب سطوة وتحالفات ومروحة علاقات سياسية مع كل الاحزاب والجهات مما يضعه كفريق اساسي باللعبة السياسية وبواقع البلد ومستقبله، قيتم الخلط بين كل هذا الدور وبين "المقاومة" بما هي قتال للمحتل الاسرائيلي، فيصبح وعن سابق تصور وإصرار اي انتقاد او اعتراض على اداء الحزب السياسي، وكأنه اعتراض على "المقاومة" وهذا تضليل مقصود وخداع واضح وجهل مطلوب، بدليل ان "التخوين" يصيب اناس قد افنوا اعمارهم بمقارعة المحتل الاسرائيلي ودفعوا اثمانا غالية جدا في سبيل التحرير لمجرد انهم يعارضون سياسات هذا الحزب !!
النقطة الثانية : بناءا لما تقدم، وعملا بالقول المأثور "الشرك يدب في قلب المؤمن كدبيب نملة سوداء على ثوب اسود في ليلة ظلماء" استطيع ان اجزم حينئذ، بان " الشرك " قد دب في قلوب هذه الجماهير من حيث لا يدركون، وصاروا يعبدون صنما اسمه " المقاومة " واتخذوها الها من دون الله، وعليه فالكفر بالله ورسوله وانبيائه لا يعنيهم لا من قريب ولا من بعيد لانه ليس الإله الذي يعبدونه، وانما انتقاد إلاههم الحقيقي "المقاومة" فهو الارتداد " الذي يستوجب القتل، وبهذه المفاهيم الضالة، فان من الطبيعي جدا ان يصل بنا البلد الى "جهنم".
يبقى ان المطلوب من "حزب الله" حذف كلمة "الله " من اسمه ووضع كلمة " المقاومة " فهذا اقرب للتقوى، او فليعودوا الى عبادة الله الواحد .