جو بايدن في البيت الأبيض رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، ومع قسمه اليمين الدستورية أمس تبدأ حقبة أميركية جديدة، وخارجياً ينتظر العالم السياسة التي ستنتهجها إدارة بايدن، لاسيما في الملفات الحساسة التي عليها تتحدد مصائر دول وشعوب. ولعل الملف الأبرز الذي يعني جزءا كبيرا من العالم وتحديدا الشرق الأوسط، هو الملف الإيراني وما يتفرع عنه من ملفات، تبدأ بالعراق، وتمر بسوريا واليمن، وقد لا تنتهي في لبنان.
وبعد أن تهاوت كل المبادرات الداخلية والخارجية من أجل إزالة العقبات من أمام تأليف الحكومة،بات الوضع اللبناني مؤجلاً في هذه المرحلة.
لا شيء محسوماً على هذا الصعيد، تقول مصادر سياسية متابعة لعملية التأليف ، لكنها تشير إلى أن تحرك دياب يتقاطع مع المسعى الذي يقوم به البطريرك بشارة الراعي، بالتزامن مع زيارة قام بها المطران بولس مطر للرئيس المكلف سعد الحريري، موفداً من البطريرك الراعي، وتوازياً مع ما يقوم به اللواء عباس إبراهيم المدير العام للأمن العام، ويبدو واضحاً أنه بتكليف من الثنائي الشيعي، مشيرة إلى أن القاسم المشترك بين هذه المساعي وقبلها المسعى الفرنسي.
وتشدد المصادر، على أن أي تطور إيجابي على صعيد ولادة الحكومة، مرتبط أقله شكلياً بعودة التواصل بين الرئيسين عون والحريري، وضمناً بالعمل على تقليص الهوة بين الرجلين على صعيد المطالب والشروط، دون إغفال دخول العالم في حقبة إدارة أميركية جديدة، ما قد يساعد على تعبيد الطريق أمام التأليف والإفراج عن الحكومة المنتظرة، لافتة إلى أن الأمور متوقفة عند من يتصل أولاً بمن، سواء الرئيس عون أو الرئيس الحريري، بعدما أنه تم تجاوز الفيديو المسيء، على ما قاله الرئيس دياب، بعد زيارته الرئيس المكلف.
وهذا قد يعطي دفعاً قوياً في المرحلة المقبلة للسير بعملية التشكيل. التي يحرص الرئيس المكلف باتجاه أن تكون حكومة اختصاصيين، في حين أن العهد لم يظهر لغاية الآن تساهلاً في موضوع التنازل عن مطلب الحكومة السياسية، كونها قد تكون الحكومة الأخيرة في هذا العهد .
إقرأ أيضا : انتظار في لبنان وفصل جديد من الصراع على الحكومة
وبراى بعض المصادر، أن التحدي الأساسي أمام أي حكومة قد تشكل، هو في قدرتها على العمل وتقديم ما هو مطلوب منها من إصلاحات حتى يمكنها تحقيق نقلة نوعية على هذا الصعيد، إضافة إلى ضرورة نجاحها في الحصول على الغطاء الدولي ومباركة الدول المانحة التي تربط أي مساعدة للبنان، بتطبيقه الإصلاحات المطلوبة لإنقاذ اقتصاده من الانهيار. وهذه الإصلاحات هي بالتأكيد مقدمة لفك الحصار المفروض على لبنان، من أجل الحصول على مساعدات جدية وحقيقية.
وهنا السؤال الذي يفرض نفسه عن مدى قدرة الحكومة الجديدة أن تكون قوية ومستقلة وقادرة على وصل ما انقطع مع المجتمعين العربي والدولي، بعد التحفظ الخارجي على الأداء الرسمي. ولذلك فإن الأمر مرهون بمدى قدرة الداخل وتجاوب الخارج .
وتشدد المصادر السياسية، على أنه من المستبعد حصول تحول في الموقف الخليجي تجاه لبنان، إلا إذا لمست دول مجلس التعاون جدياً أن الحكومة الجديدة ستخرج لبنان من هيمنة حزب الله، وأن يكون موقف لبنان الرسمي مختلفاً عن موقف الحزب ومستقلاً عنه قولاً وفعلاً، بما يؤدي إلى سياسة لبنانية رسمية تتقاطع مع السياسات الخارجية، وتحديداً السياسة العربية. وبالتالي فإنه لا يمكن توقع أي مساعدة خليجية إلا بعد أن تلمس الدول الخليجية بأن لبنان لم يعد منصة لاستهدافها سياسياً .
في هذا السياق يعتقد قطب سياسي أن لبنان سيبقى بلا حكومة لفترة طويلة، بحيث لا يتحمل أحد مسؤولية القرارات الخطرة التي سيفرضها الانهيار حيث توقفت مصادر دبلوماسية أمام التقارير المتداولة حول السياسات الجديدة لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن وأمام ما يُدلي به مرشحو بايدن لتولي المسؤوليات الرئيسية في إدارته في مناقشات لجان الكونغرس لاستنتاج أن مرحلة من الجمود في السياسة الخارجية ستكون الأساس عبر مواصلة روتينية لثوابت السياسات الخارجية لأن الوضع الداخلي حاكم ومقلق والانقسام خطير لدرجة تفوق كل توقع.
تسيطر على المشهد اللبناني حالات من الهلع غير المسبوق على هذا النحو وهذا القدر، جراء تمدد جائحة كورونا القاتلة، ويتقاطع كل ذلك مع حالة الجمود السياسي على خط تشكيل حكومة المهمة، برئاسة الرئيس سعد الحريري، وقد دخل شهره الثاني ، خصوصا وان ما الت اليه اوضاع البلد، لا يبرر على الاطلاق اي تأخير في تشكيل الحكومة على ما قال البطريرك الراعي ويؤيده في هذا العديد من الشخصيات والقوى خصوصا وان لبنان بجميع ابنائه وفئاته هو الخاسر الاول والاخير، مما الت اليه الاوضاع، ولا تستطيع قوة سياسية، مهما علا شأنها ان تغسل يديها وتتبرأ مما وصلت اليه اوضاع البلد، ويتفق كثيرون على ان الواقع اللبناني، على ما هو عليه، لا يحمل المزيد من الازمات، كما لا يحتمل المزيد من الاصطفافات الحادة، سياسية كانت ام طائفية ام مذهبية، وهي إصطفافات لن تؤدي الى تصحيح الاوضاع، بل ستزيدها تعقيدا وتترك البلد على قارعة الاستحقاقات .
في هذا الإطار، تبدي مرجعية سياسية مخاوف جدية في ضوء تقارير أمنية غربية تشير إلى نزع ورقة القوة من يد حزب الله المتمثلة بما يقال عن السيطرة على القرار اللبناني عن طريق انهيار السلطة بشكل كامل وفرض الوصاية الدولية على غرار مصير الدول الفاشلة.