يتوهّم كثير من النّاس على اختلاف طبقاتهم وتعليمهم: أنّ ما ننقله من نصوص حديثيّة وروائيّة لا تنسجم مع ما رسموه من هالة قداسة على أئمّتهم وزعاماتهم إنّما هي أخبار ضعيفة وموضوعة وساقطة عن الاعتبار، وأنّنا نتعمّد ذكرها والإيحاء بصحّتها للتّغرير بالبسطاء وزعزعة إيمانهم!!
والمؤسف: أنّ هذا النّمط من التّفكير هو حاصل تلقين مذهبي مركّز وخاطئ؛ وذلك لأنّ بعض هذه النّصوص هي صحيحة ومعتبرة باتّفاق علماء المذهب من المتقدّمين والمتأخّرين والمعاصرين على اختلاف مبانيهم، وبعضها قطعيّة الصدور عند مؤسّسي المذهب المتقدّمين، والّذين عقدوا القلب على أساسها وأفتوا على وفقها، وكان يعتبرونها ديناً ينبغي التّسليم له، ويرون منكرها ورافضها في دركات الجّحيم، وبعضها ما هو مسلّم لدى عموم علماء الإسلام، ومنسجم تمام الانسجام مع الطّبيعة البشريّة والّلحظة الزّمنيّة لمن تتحدّث عنهم.
بلى؛ حينما تطوّر وعي النّاس واكتشفوا خطل وخطأ جملة من هذه التصرّفات والنّصوص، فرأوا أن انتسابها لمن فرضوه باباً وإماماً إلهيّاً مفترض الطّاعة على جميع العباد والبلاد حتّى نهاية الدّنيا لا يمكن أن يستقيم، فبدل أن يراجعوا إيمانهم ويذعنوا بأنّهم كانوا ضحيّة حيلة ماكرة، أنكروا هذه النّصوص والحقائق، ورموا أجلّاء الأصحاب الثّقات الّذين نقلوها _ والّذين كانوا ضحيّة غيرهم أيضاً _ بالكذب والوضع من دون أن يلتزموا بلوازم اتهامهم ومؤدّاه، والّذي يقتضي تكذيبهم في عموم نقولاتهم الأخرى، فليتأمّل كثيراً كثيراً، والله من وراء القصد.