بايعه على حلم وعلم، فما باعه ولا اشتراه، ولكنه اصطفاه، كما اصطفا الأنبياء الفقراء ...
راوده حيناً من العمر معتمراً عمّة الصلاح والصلاة، فأتاه على نصف العمر كفناً من بياض الثوب والقلب ، ووعداً بغد لا غداً بعده، فاستراح من قسوة الموت في حفرة الحياة ..
أرح ناظريك لم يفتك بعد مشهد ما تركت، فحيث أنت ترى بأم العين شغب شعب يلوك وصايا الدين ، لا على جوع ، بل على شبع، فقد اتخمه وعظ الكهنة والفريسين ، وما بذلته إئمة الجماعة من أدعية وصلوات دوّخت رأسه المنتصب كسُنبُل غض .. وما فرضته عليه عصا الطاعة لألف أمير من أمراء الطائفة ، والمذهب...
الذين أقالوا الله، وأنزلوه عن عرشه، ليجلس البغدادي، والقرشي، واليمني، والشامي ، والأندلسي، وصاحب الرايات السود، والنفس الزكية ، وما جاءت به كتب التوراة ..
بايعته على صلاح وفلاح ، وأدركت كل صباح، ولم تنم ليلاً، وكيف تغفو، وعلي يوقظ فيك ما ينام .. كتبت ما ضاع عنهم، أو ما فاتهم، أو ما تركوه تحت طيّات اللسان "تقيّة" تقيهم شرور العلم ، وتشملهم نعم الجهل ..
أعرف أنك أغنى من فقرك، وأشمل من حدود دورك ، وأن قلمك المنسي أول الضوء في زيت العتمة ، وآخر ما تبقى لمثلك من نور .. وآخر حبة من سُبحة الله، وآخر رجل من جيل جبل عامل أو (عالم) آثر كسر الخبز، وكمشة تراب، وصاية من صنع يديك ..
الشيخ يوسف سبيتي كفر بالجبت والطاغوت فدنا ودنت منه ملائكة وبشر وأتراب .. فعاد الى التراب، ولكنه لا يسكن قبراً ، بل دخل كساء عباءة فضل الله، ومدّ يداً لمن بردت يده، وجفّ خلقه ، وخاب ظنه ، وقتلته دعوة الخير من الأشرار ..