نشرت مجلة "ريدرز دايجست" الأميركية تقريرا سلطت من خلاله الضوء على أكبر الأكاذيب التي صنعت التاريخ. وقالت المجلة، في هذا التقرير، إن الإنسانية شهدت أحداثًا كانت قائمة على مجرد أكاذيب وعمليات احتيال ومكائد. وفيما يلي أشهر تلك الأكاذيب:
أزمة الصواريخ الكوبية
ذكرت المجلة أنه رغم تأكيدات الاتحاد السوفيتي بأنه كان يرسل أسلحة دفاعية إلى كوبا فقط، إلا أن نواياه الحقيقية كانت تتمثل في زرع قذائف في الجزيرة. وفي 14 تشرين الأول من سنة 1962، كُشفت نواياهم الحقيقية عندما رصدت طائرة تجسس أميركية من طراز يو-2 القذائف وصورت العديد من الصواريخ التي وقع إدخالها خلسة إلى كوبا.
في 22 تشرين الأول، أخبر الرئيس جون كينيدي العالم أن السوفييت لديهم صواريخ قادرة على حمل رؤوس حربية نووية على بعد 90 ميلا فقط من الساحل الأميركي. وقد حاول الاتحاد السوفيتي إخفاء مواقع الصواريخ باستخدام العوازل والشباك والطلاء والوحل، لكن محاولاتهم للسيطرة على الوضع كانت فاشلة.
بعد ستة أيام، أمر الرئيس بفرض حجر صحي على كوبا حتى قام السوفييت بتفكيك صواريخهم وإزالتها على الفور. وبعد مداولات ضارية، وافق الزعيم الروسي نيكيتا خروتشوف أخيرا على الشروط وأعاد الصواريخ إلى روسيا.
فك الشيفرة اليابانية في الحرب العالمية الثانية
ليست كل الأكاذيب سيئة. يمكن لبعض الأكاذيب أن تعمل لصالحك، خاصة عندما يتعلّق الأمر بالفوز في الحرب. خلال الحرب العالمية الثانية، لم يتمكن الأميركيون من فك الشيفرات المستخدمة في تقارير الاستخبارات العسكرية اليابانية التي اعترضتهم، وخاصة شيفرة "أي أف"، التي تشير إلى موقع الهجوم البحري المخطط له من قبل اليابان.
وقد اعتقد خبراء الاستخبارات العسكرية الأميركية أن شيفرة "أي أف" يمكن أن تشير إلى ميدواي، لأن اليابانيين يميلون إلى تحديد شيفرة "أي" لمواقع جزر هاواي، كما بدا أن ميدواي كانت خيارا منطقيا لهدف اليابان التالي.
لهذا السبب، قرر الأميركيون اختبار نظريتهم من خلال إرسال رسالة مزورة مشفرة، زعموا فيها أن محطة تقطير المياه العذبة في ميدواي كانت معطلة وتحتاج إلى مياه عذبة. وبعد فترة وجيزة من إرسال الرسالة، جاء في تقرير استخباراتي ياباني وقع اعتراضه أن "أي أف ينقصه الماء".
وهكذا أكدت كذبتهم البيضاء فرضيتهم. وقد استخدمت الولايات المتحدة معلوماتها المكتشفة حديثا للتحضير لهجوم على ميدواي وحققت نصرا كبيرا ساعد أمريكا في النهاية على الفوز في الحرب العالمية الثانية.
أناستازيا المزيفة
في سنة 1918، أعدم الثوار البلشفيون بقية أفراد سلالة رومانوف، القيصر نيقولا الثاني والإمبراطورة وأطفالهم الخمسة، في قبو في مدينة يكاترينبورغ. ولكن الشائعات انتشرت حول فرار ابنتهما الصغرى أناستازيا. وقد استغل العديد من المحتالين هذه الشائعات، ولكن أحدهم دخل التاريخ كواحد من أعظم المحتالين في كل العصور، وهي تُدعى آنا أندرسون.
بعد محاولة انتحار فاشلة، عُثر على أندرسون الخرساء في قناة ألمانية بلا هوية شخصية. وقد وضعتها السلطات في ملجأ حيث اعتقد الناس أنها تُشبه أناستازيا بشكل مدهش. لكن شكك العديد من مساعدي عائلة رومانوف وأقاربهم السابقين في شرعية آندرسون، ولكنها حظيت بمؤيدين خارج الدائرة الاجتماعية المباشرة للعائلة الذين كانوا يعتقدون بأنها الدوقة الحقيقية. حتى أن أحد المؤيدين حاول إثبات هويتها في المحكمة دون جدوى.
بعد وفاة أندرسون، وقع انتشال جثث عائلة رومانوف وأثبت اختبار الحمض النووي بعد وفاتها أنها كانت محتالة. وتم التأكد لاحقا من أنها كانت على الأرجح عاملة بولندية بمصنع، اختفت قبل وقت قصير من العثور على أندرسون في القناة.
فضيحة ووترغيت
في أيار 1972، اقتحم خمسة رجال مقر اللجنة الوطنية الديمقراطية في مبنى ووترغيت في واشنطن العاصمة لوضع أجهزة تنصت على هواتف المكاتب، وسرقة وثائق سرية، ثم تم القبض عليهم بعد شهر في عملية اقتحام ثانية. اكتشفت السلطات لاحقا أن الرجال كانوا جزءا من حملة إعادة انتخاب الرئيس ريتشارد نيكسون، الذي بدوره نفى تورطه في الفضيحة.
لكن بعد إعادة انتخاب نيكسون لولاية ثانية، كشفت صحيفة "واشنطن بوست" عن تستر الرئيس على جرائم ووترغيت بفضل مخبر مجهول من مكتب التحقيقات الفيدرالي. وبذلك، أصبح نيكسون أول رئيس أمريكي يستقيل من منصبه في 9 آب 1974.
مخطط بونزي
تمكّن المهاجر الإيطالي تشارلز بونزي من بناء ثروته على الأكاذيب، بل إن براعته في الخداع دفعت الحكومة لاستخدام اسمه كأحد أشكال الاحتيال؛ "مخطط بونزي". في عام 1920، خدع بونزي الآلاف من سكان نيو إنغلاند للاستثمار في طوابع البريد على أساس مخطط هرمي، حيث وعد المستثمرين بعائد ضخم بنسبة 50 بالمئة في 90 يومًا فحسب.
أدار بونزي المشروع على أساس استخدام أموال المستثمرين الجدد لسداد أموال المستثمرين السابقين، مما خلق وهمًا بأرباح حقيقية من عمل تجاري قانوني. وجنى بونزي 250 ألف دولار يوميًا، أي ما يعادل 3 ملايين دولار بسعر اليوم، لكن اكتشف أمره في النهاية ووجهت له 86 تهمة احتيال.
فريق ألترا
أثناء الحرب العالمية الثانية، كانت دول الحلفاء في حاجة ماسة لفك شيفرة "إنيغما" النازية، لإيقاف الغواصات الألمانية التي كانت تُغرق السفن التجارية التي تجلب الطعام والنفط والإمدادات من أميركا الشمالية إلى إنجلترا. وفي حزيران1941، قام علماء الرياضيات البريطانيون، بمن فيهم آلان تورينج (رائد في مجال الحوسبة)، بفك الشيفرة. منذ ذلك الحين، استخدم مشروع استخبارات الحلفاء "ألترا" عددًا كبيرًا من الرسائل الملفقة لإبعاد الألمان عن مسارهم، وكان سببا في انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية.
أوراق البنتاغون
بقيت أكاذيب الرئيس ليندون جونسون حول حرب فيتنام طي الكتمان، لحين قيام محلل عسكري بتسريب سجلات لصحيفة نيويورك تايمز تسمى "أوراق البنتاغون". كانت تلك الأوراق دراسة سرية لوزارة الدفاع توثق مدى التدخل السياسي والعسكري لأميركا في فيتنام من عام 1945 وحتى 1967.
شملت الأوراق عددا من الرؤساء الأميركيين الذين ضللوا الأمة عن مدى تورط الولايات المتحدة في فيتنام، فكشفت أن هاري ترومان قدم مساعدة عسكرية للفرنسيين في حربهم ضد فيت مين الشيوعية، وأن جونسون بدأ خططه لشن حرب في فيتنام قبل عام كامل من الإعلان عنها، وغيرها من الحقائق.
الدعاية النازية
كانت أكاذيب أدولف هتلر ودعايته النازية قائمة على الخوف والكراهية والتلاعب الجماعي، حيث صوّر الشعب اليهودي بمثابة عدو لجميع طبقات المجتمع. وفي أعقاب التداعيات المروعة للحرب العالمية الأولى في ألمانيا، مثل التعويضات النقدية والإقليمية القاسية، وتضخم العملة الألمانية، وانتشار الفقر والبطالة، كان المواطنون الألمانيون في حالة يائسة يسهل استغلالها لنشر خطاب الكراهية، والتسبب في عواقب مروعة، ومقتل ما لا يقل عن 17.6 مليون شخص.
كارثة تشيرنوبيل
في 26 نيسان1986، أدى انفجار محطة للطاقة النووية في تشيرنوبيل، أوكرانيا، إلى تعريض الملايين للإشعاع. ولم تستطع السلطات السوفيتية البدء في إخلاء السكان من المدن المجاورة إلا بعد يوم كامل من وقوع الحادثة، بل وأخفت حجم الحادثة وعواقبها الصحية الضارة عن كل من الاتحاد السوفيتي والعالم. وبعد مرور 18 يوما، قام السكرتير العام للحزب الشيوعي السوفيتي ميخائيل غورباتشوف بالاعتراف أخيرًا للاتحاد السوفيتي ودول أخرى بمدى فظاعة الانفجار وتداعياته على السكان القريبين.
لم يتعرض السكان في المناطق الملوثة إلا لمستويات ضئيلة من الإشعاع، وتم علاج معظم المصابين بنجاح، ولكن المخاطر الصحية الناجمة عن الإشعاع لا تظهر إلا في المستقبل. ووفقًا للجنة التنظيمية النووية الأميركية، لم تُظهر الأدلة سوى صلة قوية بين الحادث والزيادات في سرطان الغدة الدرقية، ولكن قد تُعزى بعض الوفيات الناجمة عن السرطان إلى تشيرنوبيل، خاصة بين صفوف عمال الطوارئ وجميع الأشخاص الذين شاركوا في عملية الإجلاء والأشخاص الذين يعيشون في مناطق ملوثة