برزت في خطاب السيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله بالأمس بعض المؤشرات الهامة في حاضر لبنان ومستقبله، فقد توقف السيد أولاً عند جريمة تفجير مرفأ بيروت النووي في الرابع من شهر آب العام الماضي، ليدّعي حرصاً مُبالغاً على إظهار حقيقة ما جرى من تحقيقٍ في هذه الجريمة المُروّعة، في حين ذهب مباشرةً للتشكيك في جهود المحقق العدلي القاضي فادي صوان لكشف ملابسات الحادث-الجريمة، والإدّعاء على المُتّهمين، مُطالباً كما سبق له ودعا بعد ادّعاء القاضي فادي صوان على رئيس حكومة تصريف الأعمال، ووزراء الأشغال والمال في حكوماتٍ سابقة، إلى تصويب التحقيقات التي أجراها صوان، والعودة عن بعض الإجراءات التي تضمنها ادعاؤه على مسؤولين حاليّين وسابقين، وهذا لا يعني سوى تعطيل التحقيق ( وهذا ما حصل فعلاً)، والعمل فيما بعد على دفع القاضي فادي صوان للتّنحّي (وهذا ما يجري العمل عليه)، وهكذا يكون التحقيق في جريمة تفجير مرفأ بيروت في حكم المُجمّدة، أو المنتهية بأمر الحاكم بأمره هذه الأيام سماحة السيد حسن نصرالله.
إقرأ أيضا: يا سبحان الله يلحنون ويربحون، يسرقون ولا تُقطّع أيديهم.
الأمر الثاني الذي أخذ حيّزاً واسعاً في اهتمام السيد نصرالله بالأمس هو نشاط مؤسسة القرض الحسن، فقد استفاض في تبيان فضائل هذه المؤسسة "الخيرية" على المواطنين أجمعين، وهي التي لم ترحم المقترضين في الآونة الأخيرة، عندما أصرّت على استيفاء القروض العائدة لها على أعلى سعرٍ للدولار في السوق السوداء، إلاّ أنّ هذا لا ينفي حقّ السيد بالدفاع عن مؤسسة مالية( رغم مخالفتها الصريحة لقانون النقد والتسليف اللبناني) تُقدّم خدمات مالية عظيمة لحزب الله المُحاصر مالياً من قِبل الولايات المتحدة الأمريكية، إلاّ أنّ اللافت للنظر هو مدى حرص السيد نصرالله على انتظام عمل مؤسسة القرض الحسن وديمومتها، باعتبارها من أهم المؤسسات التي تدور في فلك حزب الله وتخدم نشاطه المالي، هذا في حين لا نلمس أدنى حرص على سائر مؤسسات الدولة اللبنانية المتهالكة، أو الحدب على انتظام عملها، أو تجنُّب الإفتئات على شرعيتها وقُدسية سيادتها الوطنية واستقلالها المشروع، ولعلّ السلاح غير الشرعي هو أبرز تجلّيات الإعتداء على تلك المؤسسات وتعطيل قدرتها وفعاليتها.
الأمر الثالث الذي تطرّق إليه السيد نصرالله وفيه بعض الإشارات التفاؤلية، أنّه ربما نشهد في العشرة أيام القادمة( وقبل تولي الرئيس الأمريكي بايدن مهامه الرئاسية) ولادة الحكومة الجديدة، وهذا ما يُعزّز ما ذهب إليه كثيرٌ من المُحلّلين والمتابعين بأن لا حكومة لبنانية جديدة قبل العشرين من شهر كانون الثاني الحالي( رغم تخفيف السيد نصرالله بالأمس لهذه المقولة المزعومة)، وهذا ما يؤشّر مرّة أخرى، وللأسف الشديد مرّاتٍ عديدة، بأنّ الحاكم بأمر الله في لبنان ما زال السيد حسن نصر الله القائم فعلياً بأمر القائم بأمر الله في طهران.