إن صعود ونزول الرئيس المكلف سعد الحريري لقصر الرئاسة الأولى دون توافق، تأكيد من الرئيسين على صعوبة التوصل الى حل يرضي رئيس التيّار الحر نتيجة تمثيل مسيحي غير وازن "باسيلياً" وأمر أحبط محاولات التوصل المبكر الى تشكيل حكومة بابا باسيل كعيدية منه في عيديّ الميلاد ورأس السنة .
لم يترك التياران الحر والمستقبل شيئًا إلا وقالوه ومن ثمّ تقوّلوه بحق بعضهما البعض وصولاً للصلاحيات الخاصة برئاستي الجمهورية والحكومة وضرورة احترامها بغية المحافظة على الدستور وكي لا تتداخل الوظائف ببعضها البعض فتنعدم الرؤية القانونية والميثاقية الغليظة .
كان واضحاً التيّار الحر لصعوبة التشكيل بدون ثلث معطل كما هي رواية المسقبل أو وزارات قابضة على القرار الحكومي على أن تكون التسميات من سلة التيّار أو الرئيس كما هو متفاهم عليه ما بين الرئيس الحريري ودولة الرئيس نبيه بري فيما يخص الوزارات الشيعية وهذا ما رفضه الحريري تلبية منه للدعوة الفرنسية المشروطة بجملة إصلاحات من بينها قيام حكومة غير مسبوقة في لبنان أي غير خاضعة لقيد سياسي ومرتبطة بكفاءات علمية ومستقلة عن المرجعيات الطائفية والسياسية كي تكون مقبولة من المجتمع الدولي وقادرة على تصحيح المسار الإقتصادي لنشل لبنان من الهاوية .
بات الرئيس الحريري غير مستعجل في تشكيل الحكومة ما دام الإعتراض على إقتراحاته سيد القصر وهو مرتاح نتيجة الإجماع اللبناني عليه كمنقذ للأزمة في ظل تأييد فرنسي واضح له لذا يصمد على غير عادته ولا يُقدم على إعطاء التنازلات التي إعتاد عليها وخسر من خلالها جمهوراً وحلفاء أساسيين و هذا ما كرّسه صاحب الصولد الدائم في السوق السياسي الى الحد الذي خسر فيه كل رأسماله المتعدد الوجوه .
إقرأ أيضا : الحريري صعبي يتعلم
هنا يُطرح السؤال المعهود بالرئيس الحريري ومفاده : هل سيبقى على صموده الفرنسي؟ كما ذكرت التجربة مرارة الحريري في ذكائه مع سرعة التنازلات لذا يفضله فريق 8 آذار على أي شخصية أخرى لسهولة المرونة في تعاطيه مع الحلول ونسيان أسباب الخلاف والإختلاف والتطبع الكامل مع الواقع كما هو قائم على توازنات دقيقة جداً يتجنبها الحريري ويهتجس منها إذا ما طُلب منه التحرش بها لسبب ما .
لذا صمود باسيل يشبه صمود الحريري أذا ما تمّ الضوء الأخضر من حيث تتوقف وتقف إشارة المرور في لبنان والمتصلة بشركات كهرباء إقليمية تعطي الأضواء ما تحتاجه من أنوار وما دام التعذر الإقليمي نتيجة الأعطال الفنية ما بين إيران والإدارة الأميركية قائمة فثمة أسباب لبنانية كثيرة تقف وراء عدم تشكيل الرئيس المكلف للحكومة المنتظرة الولادة الصعبة نتيجة مخاضات عسيرة ستسبق إحتمالات الولادة الطبيعية .
بين الصعود والنزول اليومي أو الإسبوعي أو الشهري والمتقطع ينقطع وصل الحياة في لبنان ولا من يسأل ولا من يهتم فلبنان دخل مرحلة جديدة قائمة على أغلبية فقيرة وأقلية فاحشة الغنى وللأولى احتسابها عند ربها وللثانية جنة الدنيا ونعيم السلطة .