يتعرض الكثير من المسلمين ممن يعايدون المسيحيين في عيد الميلاد لانتقادات واسعة سنوياً. ومؤخرا تعرض نجم فريق ليفربول المصري محمد صلاح والمفتش العام المساعد لدار الفتوى في الجمهورية اللبنانية، الشيخ الدكتور حسن علي مرعب، لحملة من متابعيهما بعد أن نشرا تهنئة للمسيحيين في عيد الميلاد.
فماذا يقول الإسلام عن معايدة المسيحيين بميلاد السيد المسيح؟ وهل يجوز للمسلمين مشاركتهم الطقوس؟
قال مركز الإفتاء في الأزهر، في بيان نشره عبر حسابه الرسمي في موقع "فايسبوك"، إن "جواز تهنئة المسيحيين بأعيادهم يتوافق مع مقاصد الدين الإسلامي ويبرز سماحته ووسطيته، وأن هذا الأمر من شأنه تزكية روح الأخوة في الوطن، والحفاظ على اللحمة الوطنية، ووصل الجار لجاره، ومشاركة الصديق صديقه فيما يسعده من مناسبات".
وأضاف البيان: "تهنئة المسيحيين بأعيادهم تندرج تحت باب الإحسان إليهم والبر بهم، كما أنها تدخل في باب لين الكلام وحسن الخطاب، وجميع هذه الأمور أمرنا الله عز وجل بها مع الناس جميعا دون تفرقة، خاصة مع أهل الكتاب الذين قال الله تعالى في حقهم في سورة الممتحنة: "لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ في الدِينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوَهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ"، وقال أيضا في سورة البقرة: "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا".
وفي نفس السياق، اعتبر الدكتور إبراهيم رضا، أحد علماء الأزهر الشريف، في حديث لموقع "الحرة"، أنّ "الاستمرار في الجدل حول تهنئة المسيحيين في أعيادهم هو نوع من المراهقة الفكرية التي تعاني منها بعض الجماعات المنغلقة والتي تريد فرض أفكارها على المجتمع"، مضيفاً أنّ "الإخوة المسيحيين يبادرون بمعايدتنا، فكيف لا نفعل ذلك؟".
وأضاف رضا: "نحن نؤمن بجميع الديانات السماوية، ولا يمكن لدين يبيح الزواج من مسيحية أو يهودية، أن يمنعنا من معايدة المسيحيين في عيد نبينا عيسى عليه السلام".
وكذلك تحدث موقع الحرة مع الشيخ حسن مرعب، لسؤاله عن الحملة التي تعرض لها عقب نشر معايدته، فشرح أن "التهنئة في عيد الميلاد وغيرها من المناسبات والأعياد لغير المسلمين، موضوع يثير الجدل دائما، وهناك طرف متشدد ومتطرف يرفض المعايدة، وهو فكر يؤثر سلباً على الإسلام والمسلمين".
ولفت إلى أنّ معايدته كانت "إسلامية من حيث العبارات، والأزهر الشريف والإمام الأكبر الشيخ الدكتور أحمد الطيب، ودار الإفتاء المصرية أجمعوا على جواز التهنئة في مثل هذه الأعياد".
وقال ردا على "من هاجم وقام بالتكفير": "أنا لا أقر بعقيدة النصارى عندما أقوم بالتهنئة والفرح بولادة سيدنا عيسى".
وعن حكم الاحتفال بعيد الميلاد، اعتبر الدكتور رضا أنّه "يمكن للمسلمين الاحتفال بيوم ميلاد أحد الأنبياء دون أي حرج"، موضحاً أنّ "الأصل هو الإباحة ما لم يرد نص يخالف ذلك، ومن يريد التحريم عليه أنّ يقدم نصّاً مانعاً".
وأشار إلى أنّ "كل ما يثير البهجة والسرور والمحبة جائز دون أدنى شك، إذ أنّ الإسلام حمل تحية السلام"، مستندا إلى رواية السيدة عائشة زوجة النبي محمد تقول فيها إن "ما خُير رسول الله بين أمرين إلا اختار أيسرهما، ما لم يكن إثما".
وعن وضع شجرة الميلاد في المنزل، قال رضا إنّ "التزيين ومشاركة الجيران المسيحيين ليس معصية معاقب عليها"، معتبرا أن "هذا جنون فكري وشذوذ عن الفهم المستنير لطبيعة الدين الإسلامي"، مضيفاً "نحن بحاجة لبناة الجسور من أجل إحداث تشابك حقيقي بين الأمم والشعوب".
ورداً على حكم الاحتفال في عيد الميلاد، أجابت دار الإفتاء المصرية في رد مسجّل على سؤال موقع "الحرة"، جاء فيه: "الاحتفال جائز، طالما لا يحتوي على مُحرم".
في المقابل، أثار ردّ دار الإفتاء المصرية صدمة عند مرعب الذي أعرب عن استغرابه بشأن وجود فتوى صادرة عن الأزهر أو علمائه تبيح الاحتفال بعيد الميلاد، وقال: "إنّ شجرة الميلاد تعتبر عند بعض المسيحيين شجرة الرب وهذا مخالف لعقيدتنا، والتهنئة هي من باب الودّ فقط".