تسبب قرار خفض قيمة صرف الدينار العراقي مقابل الدولار الأميركي بضجة كبيرة، وأثار مخاوف من دخول البلاد في مرحلة انهيار اقتصادي، تضاعف الأزمة التي يعيشها العراق منذ سنوات.
ووفقا لبنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، فإن من الممكن لصانعي السياسات إجراء تخفيض، وإعادة تقييم لقيمة عملة ما، الأمر الذي يرتبط عادة بضغوط مصدرها السوق المحلي.
ويشير البنك إلى أن خيار خفض العملة لا يمكن اتخاذه إلا من قبل حكومة الدولة أو السلطة النقدية فيها، متمثلة بالبنك المركزي في كثير من الدول.
ويعرّف تخفيض قيمة العملة الوطنية بأنه عملية تعديل تنازلية متعمدة لسعر الصرف الرسمي، تؤدي إلى تقليل قيمتها مقابل عملات أخرى.
وبحسب موقع "إنفستوبيديا" الاقتصادي، شهد العالم تخفيض عديد من الدول قيمة عملتها، منذ أن تخلت الاقتصادات عن ربط عملاتها بالذهب، وباتت تربطها بعملات أخرى أو بسلة من العملات.
ويلفت البنك إلى أن خفض قيمة العملة يجعل من صادرات بلد ما أقل، تكلفة بشكل نسبي لمن هم خارجها.
ووفقا لإنفستوبيديا، فإن خفض قيمة العملة يجعل واردات الدولة أكثر تكلفة على المستهلك المحلي، ما يؤدي إلى خفض عمليات الاستيراد.
ومن المحتمل أن يتسبب خفض قيمة العملة بتأثيرات نفسية، تضعف ثقة المستثمرين باقتصاد البلد، وتؤثر سلبا على عملية استقطاب الاستثمارات الأجنبية، وفقا للبنك.
نمو اقتصادي محتمل
ويشير موقع "إيكونوميكس هيلب" إلى أن خفض قيمة العملة قد يفضي إلى رفع الطلب الكلي، ما قد يؤدي بشكل من الأشكال، إلى ارتفاع نسبة النمو في اقتصاد البلد.
ويتضمن خفض قيمة العملة اتخاذ الدولة لإجراءات تخفض من القوة الشرائية للعملة بشكل استراتيجي.
ويشير موقع إنفستوبيديا إلى أن بعض البلدان قد تتبع استراتيجية كهذه لكسب هامش تنافسي أكبر في التجارة العالمية، وتقليل الأعباء المترتبة على الديون السيادية للدولة.
ورغم ذلك، فمن المحتمل أن يتسبب خفض قيمة العملة بعواقب "غير مقصودة" تقود إلى ما وصفه الموقع بـ"هزيمة الذات".
ويربط الموقع ما بين رفع الصادرات وزيادة الإقبال على المنتجات المحلية ما يؤدي إلى زيادة فرص العمل ونمو الناتج المحلي الإجمالي بسرعة أكبر.
ووفقا لجامعة تورنتو الكندية، فإن خفض قيمة سعر الصرف الرسمي يساعد في بعض الظروف على نقل الطلب على سلع وخدمات محددة من الخارج إلى الداخل لينعكس على الناتج المحلي.
ويؤدي ارتفاع الطلب الداخلي تلقائيا إلى زيادة الإقبال على السلع المحلية، ما ينعكس على حاجة منتجي تلك السلع وموزعيها ومن يعملون ببيعها إلى توفير المزيد من الوظائف، ما يقلل البطالة ويقدم دفعة للسوق المحلي.
وبحسب الجامعة، فإن خفض العملة يؤدي في بعض الحالات إلى ارتفاع الدخل في الدولة، ما ينعكس إيجابا على سوق العمل.
ومن المعروف في عالم الاقتصاد أن زيادة الطلب على العرض تؤدي إلى ارتفاع في الأسعار، بينما يؤدي رفع العرض إلى خفض الأسعار، أي أن الظروف التي يفرضها الاقتصاد على قطاع الصناعة والتجارة في البلاد وحجم الإنتاج هو ما يرجح أن يحدد تأثير خفض العملة على الأسعار محليا.
ومن المحتمل أن تولد تلك الظروف زيادة مباشرة في أجور العامل في الدولة التي قررت خفض قيمة عملتها، كون العملة المتدنية لن تشكل ظروفا مغرية للعامل الوافد للقدوم إلى البلاد، ما يتيح فرصا وخيارات أكبر للعامل المحلي في بلاده.
ويضرب موقع "إيكونوميكس هيلب" مثالا حول بريطانيا عندما قررت خفض قيمة الجنيه الإسترليني، ما جعل العمال المهاجرين من أوروبا الشرقية يفضلون العمل في ألمانيا على بريطانيا، الأمر الذي أجبر المصانع المحلية على رفع أجورها للاحتفاظ بالعمالة الأجنبية لديها، أو تقديم عروض أكثر إغراء للعامل المحلي.
ويشير الموقع إلى أن الأجور قد تنخفض فيما لو تسبب خفض العملة بتضخم يتجاوز معدله نسب زيادة الأجور.
وواجهت الصين بشكل متكرر اتهامات بخفض قيمة عملتها لتحقيق استفادة أكبر من اقتصادها، وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أبرز المنتقدين للصين في هذه القضية.
وكان ترامب قد اتهم الصين "بالتلاعب بعملتها" في ظل احتدام الحرب التجارية ما بين واشنطن وبكين العام الماضي، وفقا لموقع "CNBC".
وقال ترامب آنذاك إن "الصين خفضت سعر عملتها إلى أدنى مستوى تاريخي على الأغلب (..) هذا يسمى تلاعبا بالعملة".
وكانت الصين قد سمحت آنذاك لليوان بالوصول لأدنى مستوياته منذ أكثر من عقد، ما جعل المنتجات الصينية أقل سعرا، في الوقت الذي كانت الولايات المتحدة قد رفعت فيه التعرفة الجمركية المفروضة على البضائع الصينية.