تحتل مدينة حمص أهمية استراتيجية كبيرة من الناحية الأمنية والعسكرية والاقتصادية، وتعتبر قلب سوريا من الناحية الجغرافية وملتقى خطوط المواصلات والنقل بين الشمال والجنوب والشرق والغرب وتتصل داخلياً مع خمسة محافظات (طرطوس، حماه، الرقة، دير الزور وريف دمشق) ومع ثلاث من دول الجوار هي (لبنان، العراق والأردن)، لذلك أخذت أهمية كبيرة في مجرى الحرب في القصيرالتي تبعد عن مدينة حمص غرباً حوالي 35 كم، وعن الحدود اللبنانية 15 كم وتقعجنوب غرب حمص وتعد صلة الوصل بين الريف اللبناني الشمالي وريف محافظة حمص الجنوبي، ويبلغ عدد سكان المدينة حوالي 42 ألف نسمة، يتبع لها إدارياً أكثر من /40/ قرية،وكان هناك نشاط تجاري مذدهر بين أهالي شمال لبنان وأهالي المناطق المقابلة من الحدود السورية، وضعف التبادل التجاري إبان الأحداث السورية، لا وبل انقلب إلى تبادل من نوعٍ آخر..!!.
تتوزع قرى ريف القصيرعلى ضفاف نهر العاصي، ومن أبرز هذه القرى: البرهانيةوالصفصافة والحمام ومطربا والديابية وكوكران والفاضلية وحاويك والسماقيات وغيرها من القرى التي يسكنهالبنانيون، وتعتبر بلدة زيتا من أكبر القرى الشيعية الموجودة بالقرب من الحدود اللبنانية، وتبعد نحو 3 كيلومترات عن لبنان وسكانها شيعة بالكامل ويصل عدد سكانها إلى 5000 نسمة، بينهم عدد من السوريين، وتتبع زيتا إدارياً لبلدية البرهانية. في ريف القصير أيضاً قرى مختلطة يسكنها سوريون ولبنانيون من مذاهب مختلفة كانوا يعيشون بهدوء وأمان قبل الأزمة السورية، ولكن مع اشتداد المعارك بين الجيش السوري والمعارضة بدأت الخلافات تظهر بين سكان هذه القرى وفقاً للإنقسام الحاد بين مؤيّد ومعارض. وتشير بعض الإحصاءات إلى أن عدد اللبنانيين الذين يقيمون في هذه القرى يناهز الـ 30 ألفاً.
وكانت مدينة القصير المعقل الأكثر تحصيناً للمعارضة في المنطقة الوسطى. وهي من أوائل المدن خروجاً عن سلطة الدولة، محاطة بمنطقة زراعية شاسعة، تمتد إلى لبنان (عكار، الهرمل وعرسال)، وإلى مدينة حمص. ويتصّل ريفها الجنوبي بمنطقة جبلية تشكل امتداداً للريف الشمالي والغربي لدمشق.فهي العقدة الأهم في المنطقة الوسطى، ومن دون السيطرة عليها، لا يمكن للجيش السوري حسم معركته في حمص، ولا تأمين المنطقة الريفية الممتدة بين دمشق وحمص. وفي حال تمكّن الجيش من استعادتها، فسيكون في مرحلة لاحقة قادراً على تحصين المنطقة الوسطى، من خلال قطع طرق الإمداد الرئيسية للمسلحين من لبنان. كما أن التقدم نحو القصير يشكّل استجابة لضرورة المرحلة إذا ما كانت المنطقة الحدودية اللبنانية السورية مقبلة على التدويل.
وبناءً على هذه المعطيات التي تؤكد أهمية موقع القصير الجغرافي الاستراتيجي يحتدم الصراع الدموي ويطول من أجل السيطرة عليها من قبل الطرفين، لأهمية أخرى سياسية، يحتاجها كلا الطرفين في المفاوضات التي ستجري بين أوباما وبوتين حول حل الأزمة السورية، لأن الطرف الذي سيسيطرعسكرياً سيستطيع تحسين شروطه في المفاوضات...