النتائج المدمّرة والمهولة الّتي خلّفتها ثنائيّة شخصيّتي الصّادق والباقر على واقعنا الشّيعي الاثني عشري لا يمكن اختزالها بسطور قليلة، وتحتاج إلى وقفات عدّة لاستيعاب بعض تجلّياتها في مختلف المسارات؛ وأبرزها: ازدواجيّة شخصيّات عموم فقهاء ومراجع المذهب وكذا بقيّة الطّبقات ما دون؛ بحيث لا تجد أحد منهم يطابق ما بين باطنه وظاهره في مفاصل أساسيّة ترتبط بالآخر غير الاثني عشري، وهذا الأمر ينطلق من بيانات "شرعيّة" في عرفهم تستند إلى نصوص الصّادق والباقر الّتي كرّست لهذه الثّنائيّة والازدواجيّة بوضوح تامّ، وهي الّتي تمّ الاتّفاق على تسميتها بالتقيّة وتفرّعاتها المعروفة.
سنحاول البرهنة على هذه الازدواجيّة "الشّرعيّة" _ ووضعنا الشّرعيّة بين معقوفتين لأسباب معروفة _ وتقديم شواهد موثّقة لها؛ لكي يعرف القارئ الّلبيب والمحايد أسباب هذا الّلا تطابق ما بين الظّاهر والباطن في المواقف والفتاوى من ناحية صناعيّة، ويتمكّن من الرّبط بوضوح تامّ ما بينه وبين الشّخصيّة الباطنيّة والظّاهريّة للصّادق والباقر والّتي أفضنا الحديث في توثيقها سلفاً.
وحينذاك سيعي أسباب تقهقرنا ورجعيّتنا وتخلّفنا عن الأمم، ويفكّر بصوت مسموع في طريقة للخلاص منها، ويترك عنه المخدّرات والمسكّنات الّتي يتعمّد بعضهم ولو جهلاً زرقه بها تحت عنوان: الوضع والمنحوليّة والدسّ والتّزوير ومخالفة القرآن... إلخ؛ فهؤلاء الفقهاء الكبار لم يكونوا جهلة إلى هذا الحدّ بحيث لم يستطيعوا اكتشاف كلّ هذه المشاكل البسيطة في تراث الصّادق والباقر، وإنّما وجدوا أنفسهم بلا خيار أمام تلك النّصوص المتواترة والجزميّة عن الأئمّة المؤسّسين طالما لبسوا لباس إمامتهم الإلهيّة الاثني عشريّة، فتدبّر وافهم، والله من وراء القصد.