يبذل علماء في البرازيل جهودا للبحث عن فيروسات أخرى قد تكون موجودة في الحيوانات، خاصة الخفافيش، من أجل تجنب وباء عالمي جديد مثل كوفيد-19.

وأشارت وكالة "أسوشيتد برس" إلى جهود عالمية في هذا الصدد، من بينها مشروع علمي يديره معهد فيوكروز الحكومي في البرازيل لدراسة الفيروسات في الحيوانات البرية، بما في ذلك الخفافيش، والتي يعتقد العديد من العلماء أنها مرتبطة بتفشي وباء كوفيد-19 الذي أودى بحياة الملايين حول العالم في 2020.


والهدف الحالي للفريق العلمي البرازيلي، هو معرفة الفيروسات الأخرى التي قد تكون معدية ومميتة، ووضع خطط لمنع انتقال العدوى بين البشر، وبالتالي تجنب تفشي مرض عالمي قبل أن يبدأ.

ويقول البعض إنه قد يكون من السابق لأوانه التفكير في وباء عالمي جديد، بينما لا يزال العالم يصارع الآثار المدمرة للفيروس الحالي، لكن علماء آخرين يقولون إنه إذا لم "يحدث تدخل ذكي"، فسوف ينتقل فيروس جديد آخر من حيوان إلى إنسان حيث يجد الظروف المهيئة "للانتقال كالنار في الهشيم".
كوفيد-19.. الأكثر فتكاً بين الأوبئة القاتلة الأخرى!
الكلاب أم القطط.. ما الحيوان الذي ينقل "كورونا" إلى الإنسان؟

ويركز العلماء في البرازيل وأماكن أخرى حول العالم جهودهم على الخفافيش، التي يعتقد أنها المضيف الأصلي أو الوسيط للعديد من الفيروسات الحديثة، بما في ذلك فيروس كورونا المستجد، و"سارس" و"ميرس" و"إيبولا" وغيرها.

وهناك مئات الأنواع من الخفافيش ويصل عددها إلى نحو أكثر من 1400 نوع تعيش في كل القارات باستثناء القارة القطبية الجنوبية.

وتتميز الخفافيش عموما بالقدرة على التكيف لتسمح بحمل فيروسات قاتلة للإنسان والماشية، بينما لا تظهر سوى الحد الأدنى من الأعراض، لذلك فهي تكون قادرة على السفر والانتقال لأماكن أخرى ونقل العدوى.

 

راينا بلورايت، عالمة الأوبئة التي تدرس الخفافيش في جامعة ولاية مونتانا الأميركية، قالت إن السر يكمن في أن الخفافيش لديها أجهزة مناعية غير عادية، وتتمتع بطاقة هائلة، ومعدلات أيض مرتفعة، وتستطيع العيش لفترات طويلة تصل إلى 30 عاما، وهو أمر نادر الحدوث في الثدييات الصغيرة. ويعتقد علماء أن الخفافيش تطورت بما يسمح لها في القدرة على التعافي من ضغوط الطيران والحماية من مسببات الأمراض.

 

 

ولا تنتقل الفيروسات من الخفافيش للإنسان إلا إذا تهيأت لها الظروف. ومع زيادة تدمير الإنسان للبيئات الطبيعية في أنحاء العالم، وخاصة المناطق ذات التنوع البيولوجي مثل الغابات الاستوائية، ازدادت معدلات الاتصال بين الحياة البرية والبشر، ما يزيد فرص انتشار المرض، بحسب كارا بروك، عالمة بيئة الأمراض بجامعة كاليفورنيا، بيركلي.

 

 

ولهذا السبب اختار الباحثون البرازيليون حديقة بيدرا برانكا، باعتبارها واحدة من أكبر الغابات في العالم التي تقع داخل منطقة حضرية، ففيها يوجد تفاعل مستمر بين الحيوانات البرية وآلاف البشر والحيوانات الأليفة في المجتمعات المحيطة.

 

 

ولا يدرس العلماء في البرازيل الخفافيش فحسب، بل يدرسون أيضا الرئيسيات الصغيرة والقطط البرية والقطط المنزلية في المنازل التي توجد بها حالات إصابة مؤكدة بمرض كوفيد -19.

 

 

ويقول أرينجاي بانيرجي، عالم فيروسات في جامعة ماكماستر في كندا، إن البحث في أسرار أجهزة المناعة لدى الخفافيش قد يساعد العلماء على فهم المزيد عن وقت قيام الخفافيش بنشر الفيروسات، بالإضافة إلى تقديم لمحة عن استراتيجيات العلاج الطبي المحتملة في المستقبل.

 

 

الدكتورة الهندية جاجانديب كانغ، خبيرة الأمراض المعدية، قالت إن الأمر لا يتعلق بـ"احتمالية" انتشار مرض معد آخر ولكن بتوقيت حدوث ذلك، مشيرة إلى أبحاث سابقة وجدت أن الهند من بين الأماكن الأكثر احتمالية لحدوث انتشار للعدوى بسبب الكثافة السكانية وزيادة توغل البشر والماشية في غاباتها الاستوائية الكثيفة التي تعج بالحياة البرية.

 

 

إيان ماكاي، عالم الفيروسات في جامعة كوينزلاند الأسترالية، قال إن العلماء والحكومات لديهم فرصة أفضل لاحتواء تفشي المرض في المستقبل إذا كان لديهم "إشعار أسرع بمتى وأين يمكن أن نبدأ".

 

 

وقال إن "المراقبة المستمرة والثابتة والمتواصلة" للفيروسات على غرار ما تفعله معامل الإنفلونزا التي أنشأتها منظمة الصحة العالمية في جميع أنحاء العالم، يمكن أن تساعد الباحثين على الاستعداد بشكل أفضل، واقترح أن تقوم مختبرات اكتشاف الفيروسات بأخذ عينات من مياه الصرف الصحي أو المواد من المستشفيات بشكل منتظم.

 

 

ويشير التقرير إلى عدة برامج لمراقبة الفيروسات في العديد من البلدان، ومن أهمها مشروع "Global Virome"، الذي يهدف إلى اكتشاف 50 ألف فيروس جديد على مدار 10 سنوات، ومشروع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية "STOP Spillover" المتخصص في دراسة الأمراض حيوانية المنشأ في أفريقيا وآسيا.