تعودنا على لعن السلطة الفاسدة حتى اعتادت السلطة الملعونة على لعناتنا وباتت تنتظر كل يوم ما سيقال عنها في الشارع أو في وسائل الإعلام أو من على أيّ منصّة مخصصة لسب السلطة وشتمها فتنفرج أسارير أصحاب السلطة الذين يتقاسمون ضحكاتهم على نكاتنا عنهم وعليهم فتمسحوا وبات البصاق غسيل وجوههم وزينة خروجهم الى مواقعهم ومراكزهم وكراسيهم حتى أن طبقة الأمّة منهم تستدعي الصراخ عليها وقذفها بكل أوساخ المعارضة كي تدّعي شرف الديمقراطية أمام الغرب الذي يراقب عن كثب حركة المعارضة والسلطة في لعبة الفأر والقط ليستمتع بمشاهد الديمقراطية على الطريقة اللبنانية .
لم يبق أحد خارج دائرة السوء من أعلى الهرم الى أدناه وقد ساعد على ذلك كل الدول التي تبرأت من سلطة الفساد ورفضت دعم لبنان طالما أنّه خارج الشروط المطلوبة لإعادة تأهيله من جديد وفق مسودات الصندوق الدولي حتى أن الداعمين والمانحين أكدوا في مؤتمراتهم عدم ثقتهم بالسلطة اللبنانية ورفضهم المطلق لإعطائهم الأموال اللازمة لتحسين الوضع الإقتصادي المتدهور لإيمانهم العميق بنهب الأموال من خلال دخولها في جيوب المسؤولين.
مع ذلك لم تحمر وجنة مسؤول بل يقفون جميعاً في صفوف العفّة والطهارة ويكيلون للدولة الفاسدة ويلمونها على ما اقترفت من ويل وثبور و عظائم أمور ويدعونها الى تصحيح خللها وإلا سيتم محاسبتها ورميها في البحر المجهول وثمّة من يصدق الكذب فيلوم الدولة ويدعو بطول العمر لصاحب السمو و السعادة والنيافة والنيابة كونهم ضحايا الدولة التي يحكموها .
إقرأ أيضا : حكومة طحين مش رواتب ومواكب
منذ نشأة لبنان والطعن بالسلطة دائم ومستمر حتى استقامت السلطة على سبها بل وهي تحرض على سبها و شتمها ولعنها طالما أن ذلك أقصى ما يمكن فعله وما هو متاح لمن لم تشملهم نعم السلطة فتتنفّس أجواء الإحتقانات بإستفراغ سموم السب للناهب والسارق والفاسد في سلطة قل ما ضمت شرفاء نظفاء .
بتقديري أن الشعب أفسد بكثير من السلطة وهنا طبعاً لا أعمم لأن في اللبنانيين شرفاء استقاموا على طريق الثورة من لحظة الإقطاع القديم للحظة الإقطاع الجديد... وهو جماهير الطوائف والمكاسب وأزلام الفوض وعدم الإستقرار وضرب كل منجز لتصحيح مسار الدولة بمعناها الأسمى وهو الذي يلبي بنداء أو بغير نداء أي عمل رذيل ضدّ أيّ عمل وطني بمعناه الحقوقي وهذه سيرته المعروفة منذ قيام اتفاق الطائف .
لذا كُتب على لبنان أن يبقى في عهدة الفوضى وعدم الإستقرار والنزوح الدائم والمستمر سواء بواسطة الصراعات الداخلية أو بواسطة الصراعات الخارجية وهذا أحد أدوار السلطة المحاطة بشعب متسلح بكل أسلحة الحق الطائفي أو التاريخي بشقيه القومي والإسلامي وهذا ما كرّسته نُخب قابضة على جمر الإيديولوجية المخربة أو على تبر يتيح لها اللعب في جنّات الثورات الملغومة وهذا ما جعل من مهمة العبث بمصالح قوى السلطة دونه التهم وقطع الأرزاق والأعناق .