انطلاقاً من تنامي الاستثمارات الصينية في الشرق الأوسط ومسودة الاتفاقية الاستراتيجية الإيرانية-الصينية وموقف بكين من اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده، تساءلت الباحثة صوفي زنسر عما إذا كانت الصين ستقود تحالفاً في المنطقة مع تصاعد التوترات الأميركية-الصينية.
في التقرير المنشور في صحيفة "South China Morning Post"، لفتت زنسر إلى أنّ اغتيال فخري زاده تزامن مع ارتفاع منسوب التوترات الأميركية-الإيرانية وجاء بعد إدراج الولايات المتحدة الأميركية 5 شركات صينية وروسية على خلفية دعمها للبرنامج الصاروخي الإيراني، ناقلةً عن الخارجية الصينية إدانتها للاغتيال بقولها إنّه "يقوّض السلام والاستقرار الإقليميين".
وفي هذا السياق، ذكّرت الباحثة بمسودة الاتفاقية الاستراتيجية الصينية-الإيرانية الممتدة على 25 عاماً، معتبرةً أنّها تمثل دليلاً إضافياً إلى أنّ "الصين تمتلك دافعاً اقتصادياً كبيراً- وتستعد بهدوء– للعب دور أكبر في ديبلوماسية الشرق الأوسط التي ترفض الأحادية الأميركية في الخارج بصراحة". وهنا علقت الكاتبة: "من شأن تصعيد الولايات المتحدة للتوترات مع إيران أن يفسح المجال أمام الصين للانخراط بشكل مباشر أكثر في شؤون طهران الديبلوماسية".
كما ذكّرت زنسر بدعوة وزير الخارجية الصيني وانغ يي بعد لقائه نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في أواخر تشرين الأول إلى إنشاء منتدى جديد للشرق الأوسط لنزع فتيل التوترات و"البحث عن الحلول السياسية والديبلوماسية" لقضايا الأمن في المنطقة. ولفتت الكاتبة إلى أنّ اللقاء جاء في سياق سلسلة من الاستدارات السريعة التي شهدتها السياسة الصينية باتجاه التدخل الديبلوماسي في الشرق الأوسط، بما يزاحم ضمناً التحركات الأميركية الأخيرة، مثل اتفاقات التطبيع الخليجية-الإسرائيلية الأخيرة.
إلى ذلك، تناولت زنسر تعهّد الصين إزاء إيران بأن تكون شريكاً ثابتاً في الاتفاق النووي، لافتةً إلى أنّ يي اقترح مطالبة الدول المشاركة في منتدى الشرق الأوسط الجديد التوقيع على الاتفاق الذي انسحبت منه الولايات المتحدة أحادياً في العام 2018.
الكاتبة التي حذّرت من أنّ تعزيز التحالفات بين بعض الدول الخليجية وإسرائيل وتحميل الأخيرة مسؤولية اغتيال فخري زاده "يعززان دور إيران الدقيق في المنطقة"ـ استعرضت أسباب عدم الاتفاق الإيراني-الأميركي.
وفي هذا الصدد، تطرقت زنسر إلى التفات قيادات الشرق الأوسط بشكل إلى الصين بشكل متزايد كـ"شريك استراتيجي"، متحدثةً عن المحادثات الصينية من أجل دعم البنى التحتية والمبادرات التكنولوجية في المنطقة، بما في ذلك رؤية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وإعادة إعمار سوريا. وأوضحت الكاتبة أنّ المركز الوطني للذكاء الاصطناعي وقّع اتفاقيات مع شركتي "هواوي" و"علي بابا" الصينتيْن، مشيرةً إلى أنّ الولايات المتحدة تقدّر أنّ الصين تسيطر أو تؤثّر على نحو ربع حجم قطاع الصناعات التكنولوجية الإسرائيلي المقدرة قيمته بعدة مليارات دولار. في المقابل، يشير اعتماد الصين المتزايد على إمدادات الطاقة في الشرق الأوسط أنّ لها مصلحة في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والسياسي في المنطقة، بحسب ما كتبت الباحثة.
إلى ذلك، تناولت زنسر الحوار بين الأحزاب السياسية في الصين والدول العربية الذي عُقد عبر تقنية الفيديو في حزيران الفائت، معتبرةً أنّ هذه القمة التي شارك فيها الرئيس السوري بشار الأسد تدل إلى أنّ الصين لا تتراجع على مستوى تعزيز انخراطها الديبلوماسي في الشرق الأوسط على الرغم من الانقسامات السياسية القائمة. كذلك، رأت الكاتبة أنّ الحوار كشف عن أدلة مهمة لناحية كيف يمكن للصين أن تمضي قدماً، إذا ما استخدمت اغتيال فخري زاده كعامل لتبرير قيادة تحالف جيو استراتيجي أوسع.
في ختام قراءتها، ذكّرت زنسر بالاستثمارات الصينية في المنطقة، خالصةً إلى أنّ طموحات بكين الاقتصادية تمثّل عصب صناعة القرار في سياستها الخارجية، ومؤكدةً أنّ إيران لا تمثّل استثناء على هذا المستوى.