لبنان واللبناني اليوم في مهب الريح والنار، تتقاذفه عواصف أحزابه من كل اتجاه، وليس في الأفق عند زعماء الطوائف بصيص نور، تعيد إليه الطمأنينة والثقة، حتى يستعيد حلمه بمستقبل واعد. لقد تعب لبنان، وشعبه يستغيث، ويموت، ولم يتعب السياسيون الأفذاذ، ولم يتعب رجال الدين وكهنته، وصار أهله وقوداً حيَّاً لكل الأطماع والنوايا.
أمام هذه المهولات والمصائب ـ يا الله إلى أين ذاهبة هذه السلطة ـ الدينية والسياسية ـ وإلى أين سيذهب هذا البلد، لا أدري من أية فصيلة نحن، وكيف تولَّدت هذه الإفرازات ـ الراديكالية ـ القومية ـ الوطنية ـ الدينية ـ الحزبية ـ كيف تنمو وتعيش أمام بلد بشعبه ومجتمعه يذهب نحو الخراب والدمار والفقر والإفلاس، ولا تهتز من هذه الإفرازات جفن أو تتحرَّك شعرة في أبدانهم، بل تراهم يأخذون ويحللون تحليلات جديدة في كيفية السيطرة والعبودية وعلاقة الشعب بهما. وتتصاعد اهتماماتهم بالدراسات حول مفهوم ـ سايكولوجية الجماهير، أو الشعب، واستغلالهم من قبل قادة الأحزاب وزعماء الطوائف.
تعب الشعب اللبناني، وبدأ اليأس، واختفت الضحكات والبسمات، حتى الأطفال، يعيشون خوف المرض الكوروني والمرض المعيشي المضني، والله لقد عصي الدمع في عيون أمهات وأرامل وثكالى، هل من يسمع؟. كلا.. إن أهل السياسة وأهل الدين، يتقاذفون مصير البلد ومصيرنا في نفقٍ مظلمٍ ومغرقٍ بالسوداوية الدائمة والمستمرة.
الخوف، والويل، وكل الخوف والويل، من ذلك المستقبل الذي ينتظر أولادنا وأطفالنا ، الداكن بالسواد، والواسع باللحود والنعوش والقبور، فالحرام وكل الحرام، على هذه الشعب أن يبقى مسربلاً بالبؤس والتعب، ومقيَّداً بسلاسل حديدية، طالما أنَّ ـ الجماعة ـ يسرحون ويمرحون ويأكلون في عرض البلد وطوله، من دون رادعٍ ومحاسبٍ ورقيب.
ماذا سيربح الشعب، إن نجح حزب على حزب، أو فازت طائفة على طائفة، أو فزنا بمقعدٍ هنا أو هناك، أو ربح فلان أو خسر غيره، سوى خراب ودمار وهلاك. لبنان خاسر، والكل خاسرون وإن نجحوا، والكل عاجزون وإن سيطروا، والكل في فشل، وإن كنا في نصرٍ دائم.