لا تزال مشكلة التحالفات في الشارع اللبناني المنتفض ، تشكل إشكالية فعلية في تشكيل جبهة قوية بوجه السلطة الحاكمة ، وحزب الكتائب من القوى التي انقسم عليها الشارع بين الرافض للتعامل معه والراضي عن تصرفاته .
إذن لم يكن حزب الكتائب من الأحزاب التي شكلت حساسية للانتفاضة الشعبية لكون الحزب حاول تمييز نفسه عن باقي الطبقة السياسية التي تسيطر على مقاليد السياسة اللبنانية وتتحكم بالقرار السيادي للدولة منذ فترة طويلة .
حيث شارك العديد من أنصاره ومؤيدوه في الشارع إلى جانب المنتفضين وفتح بيته في الصيفي لمعالجة جرحى الاشتباكات والصدامات مع القوى الأمنية التي كانت تواجه الشعب المندلع في الشوارع .
كذلك في 4 أب كان للحزب شهداء من جراء زلزال لبنان الذي حدث في مرفأ بيروت حيث قام بردة فعل تضامنية مع الضحايا والجرحى باستقالة جماعية إلى جانب بعض النواب من المجلس تعبيراعن الفاجعة التي حصلت في لبنان كأدنى واجب على الحدث من قبل حزب ممثل بالبرلمان.
فإذا حاولنا مراقبة تصرفات حزب الكتائب في الفترة الأخيرة فإننا نرى بانه اعتمد ظاهرة مختلفة في تعامله مع السياسة اللبنانية لقد ظهرت في خطابه السياسي مع القضايا الوطنية تختلف بمقاربتها عن الأحزاب والقوى الأخرى التي لا تزال تحاول استنساخ نفسها وإعادة تجربتها دون الاكثرات لما حصل في لبنان بعد فترة الانتفاضة ووقوف الشعب اللبناني بوجه هذه الطبقة مما شكل لها حالة مربكة في تصرفاتها وتصريحاتها مما دفع بالحزب التزام خيارات الناس في الشارع كونه قوة معارضة من داخل قبة البرلمان .
الأمور تختلف مع حزب الكتائب الذي أصر على تمايزه منذ سنوات كثيرة بالرغم من انخراطه بالحركة السياسية اللبنانية ووصوله إلى الندوة البرلمانية لكنه كان يحاول تجسيد نفسه ضمن قوى المعارضة ويقف بوجه الطبقة الحاكمة ويحاول بطريقته معارضة قوانينها وإفشال مقتراحاتهم قدر المستطاع برفع صوته عاليا بالرغم من تمثيله القليل في الندوة .
حاول الحزب الخروج من عباءة الماضي التي لا تزال بعض القوى توجه الأسهم عليه كونه جزء من الحرب الأهلية وجزء من الفساد الذي يعيشه لبنان ، وفي المقابل باتت شريحة كبيرة من الجماهير العامة المراقبة لمواقف الحزب المتغيرة تدريجيا ترى في كيفية السلوك الجديد الذي يمارسه الحزب في خطاباته ومواقفه السياسية وتعاطيه مع القضايا الوطنية في التخلي عن تركت الماضي.
لكن جماهير الانتفاضة الشعبية اللبنانية خلطت الأوراق مجددا بين القوى المختلفة ، أسست الانتفاضة لتحالفات ومفاهيم جديدة قد يكون كرتها الأساسي هو الانتساب لأفكار الثورة التي طرحتها في مواجهة الفساد وتطبيق الدستور والتمسك بالسيادة.
وفي المقابل لا تزال المجموعات المنتفضة تعاني من مشكلة التوحيد وطرح رؤية سياسية موحدة ، تبلور مواقفها بوجه السلطة ، لان المجموعات وقعت في عقم السياسية اللبنانية وتحالفاتها وعدم القدرة على الخروج من الماضي وطرح التجديد .
ولذلك تتخوف المجموعات من حزب الكتائب نتيجة حساباتها الخاصة التي رسمتها للمرحلة الانتخابية القادمة نتيجة الخوف من تحالفات.من أجل ومواجهة الفساد ومن يمثله وتطبيق الدستور .'
إذا المجموعات المنتفضة تعاني من مشكلة التوحيد وغياب الرؤية السياسية الموحدة التي تبلور مواقفها بوجه السلطة ، لان المجموعات وقعت في عقم السياسية اللبنانية وتحالفاتها وعدم القدرة على الخروج من الماضي وطرح التجديد الليبرالي .
لذلك تتخوف المجموعات من حزب الكتائب نتيجة حساباتها الخاصة التي رسمتها للمرحلة الانتخابية القادمة ونتيجة الخوف من تحالفت معينة تضعفها في الانتخابات بمازق بحال حصولها أو لناحية التخوف من حزب الكتائب نتيجة تجربته السياسية الكبيرة وجمهوره العريض وخاصة بان الحزب طوال الحياة السياسية استطع التأقلم مع الأجواء والتكيف معهت نتيجة البراغماتيكية السياسية التي يتمتع بها ويحاول ممارستها .
بالرغم من أن القوى تحاول فتح دفاتر الماضية وتشير باتهامات معينة للحزب ،تناست بدورها بان الماضي انتهى والدفاتر لا يمكن فتحها والانتفاضة الشعبية اللبنانية صنعت مصالحة شعبية أرعبت القوى الحاكمة التي كانت تصنع مصالحات فوقية بعيدة عن مطالب الجماهير الشعبية، تهتز كلما اهتزت تحالفاتهم وتفرقت مصالحهم الاقتصادية .
بالرغم من كل المواقف الثورية في انتفاضة تشرين المعارضة والمؤيدة للسياسة التي يتبعها الحزب في مقاربته مع مجمل الملفات اللبنانية ، لابد من القول بأن الحزب أخذ توجهه المعارض منذ فترة طويلة حيث باتت ادبياته السياسية تشير لذلك ومقبولة في الشارع من خلال وقوفه الجاد أمام قضايا الناس وأوجاعها التي لا تختلف عن طروحات قوى الانتفاضة حيث باتت تشكل هوة واضحة مع الطبقة السياسية التقليدية .