يمر لبنان اليوم بأسوء مرحلة منذ قيام دولة لبنان الكبير لغاية اليوم حيث تتوالى الازمات على هذا البلد الذي اغتبر في مرحلة من المراحل صلة الوسل بين الشرق والغرب حيث وصف يومها بسويسرا الشرق زالذي كان بمثابة جامعة العرب ومستشفاهم ومينائهم ومصرفهم والذي كان ملجأ المضطهدين في بلدانهم اصبح اليوم يعاني وبشكل متسارع السقوط في الهاوية السحيقة من دون ان تتأثر السلطة الغاشمة بمصير ومستقبل هذا البلد وبالتوازي مع مجموعة الازمات المتتالية تبقى عملية تشكيل الحكومة تعاني من حال الجمود وبالتالي تستمر لعبة البازار والشروط والشروط المضادة ويبقى الترقب سيد الموقف .
مل اللبنانيون من ممارسات السلطة السياسية واستمرار من بيدهم الحل والربط في سياسة الانكار وكأن البلد بالف خير فيما حكومتهم عالقة في شباك مسؤوليهم. لا هم قادرون على فرض إستيلادها، ولا مسؤولوهم متمكنون من تشكيلها، فيما لا يزال الرئيس المكلف سعد الحريري على صمته، ما خلا ما أبلغه الى مقربين وإلى مرجع رئاسي كبير من أنه مهدّد شخصيا، وكذلك محيطه، بالعقوبات الأميركية في حال تلكأ عن تشكيل الحكومة، او في حال رغب بتطعيم أي توليفة بوزراء من حزب الله او محسوبين عليه أو مقربين منه، خصوصاً بعدما ظهر أن وزير الخارجية الأميركي مايكل بومبيو أبلغ من إلتقاهم في زيارته الأخيرة لباريس انه ممنوع أن تضم الحكومة العتيدة وزراء من حزب الله. وتأكدت هذه المعطيات بنتيجة الاجتماع الذي حصل في العاصمة الفرنسية بين السفيرة الأميركية جيمي ماكورت والسفير رامي عدوان، وخلصت فيه ماكورت الى أن لا حكومة في لبنان في المدى المنظور، لأن اي حكومة يتمثل الحزب فيها لن تقوم لها قيامة، وهذا قرار أميركي حاسم .
لا تزال الاتصالات الحكومية على جمودها بالرغم من المعلومات عن زيارة مرتقبة في اليومين المقبلين للرئيس المكلف سعد الحريري إلى قصر بعبدا لتسليم رئيس الجمهورية ميشال عون التشكيلة الحكومية التي أعدّها، حيث تفيد معلومات صحافية أنها ستتألف من 18 وزيراً.
مصادر متابعة لا تراهن على نجاح خطوة الحريري، متوقعة أن يرفض عون هذه التشكيلة بححة عدم احترام وحدة المعايير، لكن ذلك لا يعني أن الحريري سيستسلم أو سيعتذر عن التكليف بل سيستمر بتدوير الزوايا، خاصة بعد معلومات أن الأوروبيين والأميركيين يرفضون تشكيل حكومة تكون مستنسخة عن الحكومات الماضية.
إقرأ أيضا : الإنقسام سيد الموقف والمجتمع الدولي يحذر
يزداد الأفق انسداداً، وسط ارتفاع منسوب الخوف من الآتي من الأيام، حين ينفدُ ما تبقى من احتياط مصرف لبنان الذي يقول إنه قادر على تأمين الدعم للفيول والطحين والدواء وبعض السلع حتى نهاية السنة على أبعد تقدير. على الرغم من الاهتمام الدوليوالاقليمي يتفنن ساسة لبنان بالبحث عن اليات إدارة الفقر .
فلبنان الذي ربط مصيره بمصير المنطقة، ينتظر تبلور المعادلات المقبلة في زمن الرئيس الأميركي الديموقراطي جو بايدن، تماماً كما هي حال غيره من الدول التي تحوّلت ساحات مواجهة سواء عسكرية أو اقتصادية أو الاثنين معاً. ولن يتّضحَ المسار قبل حزيران المقبل نتيجة عوامل عدة، منها أن الإدارة الأميركية الجديدة التي سيدخل رئيسها البيت الأبيض في العشرين من كانون الثاني 2021 تحتاج إلى عدّة أشهر للانطلاق بقوة، وهناك راهناً ما يشغلها داخلياً على مستوى تحريك عجلة الاقتصاد ومعالجة تداعيات وباء كورونا .
ولما باتت الأمور تتجه نحو الأسوأ، فان كل الإحتمالات واردة وليس هناك امكانية لوقف مسلسل الإنهيار إلا إذا تنازل حزب الله ، في حين أن تأليف حكومة من لون واحد بدعم من الحزب ستجلب الويلات وستشرع الباب على مزيد من العقوبات القاسية.
كل السياسات المعتمدة ستؤدي إلى تسريع إفقار اللبنانيين، الذي بات عملية ممنهجة. ليس ثمّة مؤشرات لإمكان حصول ما يحول دون الارتطام الكبير. لا اتجاه لتأليف حكومة تُرضي المجتمع الدولي وتتّجه للعمل مع صندوق النقد الدولي وفق برنامج صارم، وتقوم بالإصلاحات المطلوبة، على أقله في المدى المنظور .