تنتهي اليوم إجراءات الحجر والإقفال المقررة للحد من انتشار كورونا مع الإبقاء على بعض الإجراءات المخففة لإفساح المجال لاطلاق الحياة الاقتصادية للمواطنين.
في التقييم الصحي ما زالت نتائج الإقفال العام غير واضحة بانتظار البيانات من وزارة الصحة والمؤسسات المعنية، أما في التقييم الإجتماعي ومدى الالتزام الشعبي فما صدر عن قوى الامن الداخلي من حجم المخالفات والاجراءات ومحاضر الضبط يقدم صورة واضحة عن مستوى الإهمال واللامبالاة لدى شرائح شعبية كبيرة على امتداد المناطق اللبنانية.
وبغض النظر عن هذه النتائج وبعيدا عن الخوض في جدوى الإجراءات كانت لافتة جدا المشاهد التي انتشرت على التواصل الاجتماعي لوزير الصحة حمد حسن والتي يظهر فيها مخالفا للإجراءات خلال احتفال مخالف أيضا أقامه شبان من حزب الله بمناسبة ذكرى ميلاد السيد حسن نصر الله .
المشاهد رسمت أكثر من علامة استفهام حول خطوة الوزير الذي يملأ الشاشات يوميا بالخطب والمواعظ والتصاريح حول مخاطر كورونا وضرورة الوعي والالتزام بالاجراءات المقررة في وزارة الصحة والمجلس الاعلى ووزارة الداخلية واللجنة العملية، ولا يمر يوم دون هذه الإطلالة للوزير الحريص على صحة لبنان واللبنانيين والحريص على الامن الصحي في هذه المرحلة الصحية الحرجة التي تجتاح العالم، فلماذا قد يلجأ الوزير نفسه على مخالفة الإجراءات، وكيف وضع نفسه معاليه في صفوف المخالفين لإجراءات الإقفال، وكيف سمح لنفسه معالية أيضا أن يكون في صفوف مجموعات حزبية وبمناسبة حزبية لا تسمن ولا تغني من جوع؟!!
المشاهد المذكورة في أي بلد آخر هي بمستوى الفضيحة وهي في بلدنا تميل إلى مستوى الإهمال المتعمد من جهة، وإلى مستوى الإنحدار الأخلاقي والإنساني من جهة ثانية.
فبينما يعيش اللبنانيون أقسى مراحل الفقر والعوز والإنهيار، وأخطر مراحل انتشار الوباء، ذهب الوزير لتوزيع الحلوى غير آبه بالاجراءات المفترضة والتي من المفترض أن يكون أمينا عليها، وغير آبه بالواقع المأساوي المعيشي التي يمر به الإنسان اللبناني فأخذته مظاهر الفرح والبزخ والترف ليسجل حضوره في ملكوت الأمير في ظاهرة اعتداء على مشاعر اللبنانيين وفقرهم وعوزهم ومعيشتهم، ومن حوله وأمام عينيه مخالفات واضحة للمحال التجارية لا سيما محال الذهب التي لم تفتح إلا لتشتري ذهب الفقراء من جنى عمرهم وتعبهم جراء الازمة المعيشية التي فرضتها السلطة وأحزابها على هذا الشعب.
فرض الوزير وحكومته على اللبنانيين الإقفال العام تماشيا مع توصيات اللجنة العلمية واقفلت بناء على مقررات وزير الداخلية معظم المصالح والمؤسسات وبقي معظم اللبنانيين دون عمل لا سيما أصحاب المصالح الخاصة من الذين يعتمدون على الإنتاج اليومي وفي وقت التزام غالبية هؤلاء بالرغم من المأساة المعيشية ذهب الوزير إلى ما يشبه اللعب على آلامهم وفقرهم وجوعهم ومأساتهم ضاربا عرض الحائط بنصائحه إرضاءا لنفسه وحزبه وطمعا بمنصب ربما سيأتي على طبق من زعيم، أو أن يكتب مذكراته هكذا أصبحتُ وزيرا في حزب الله.
ليست هذه المشكلة وحدها بل المشكلة الأساس هي بدولة الأحزاب السائبة، دولة الفوضى والميليشيات دولة الزعماء واللصوص والمافيات، وهنا تكمن المشكلة التي تتلخص بانعدام المسؤولية الوطنية والأخلاقية وبسيطرة ثقافة الحزبية السياسية والميليشيا على كل مفاصل الدولة والحال هذه لا ضير أن يذهب معالي الوزير إلى هذا المستوى من الإهمال وانعدام المسؤولية