الفجيعة اللبنانية تتخطى حدود المعقول وبات اللبناني كل يوم أمام صدمة جديدة، في السياسة، في الأمن، في القضاء، في الاقتصاد، وأولا وآخرا في الحياة المعيشية التي باتت هاجس اللبنانيين اليومي جراء الازمات الاقتصادية والمالية المتلاحقة.
لبنان اليوم وفي الحال هذه في غرفة العناية الفائقة ولا أمل في أي جديد أو اختراق يبدد الواقع المأساوي كما لا أمل في أي مستقبل ولا رهان على أي مؤشر داخلي أو خارجي للإنقاذ، في وقت استقالت السلطة السياسية من مهامها الوطنية وذهب الجميع من رأس الهرم إلى آخره إلى المناكفات والسجالات ليس حول إيجاد الحلول العاجلة للوضع القائم، بل حول الحصص والمغانم الوزارية من جهة، وحول الخيارات السياسية المرتبطة بصراعات المحاور الاقليمية والدولية من جهة ثانية، وتركت هذه الطبقة السياسية الشعب لقدره وبقي لبنان كله في المجهول.
لا مبادرات إنقاذية لأي حزب أو زعيم، والرئيس المؤتمن على الوطن والدستور بات وجوده وعدم وجوده سيان فبقي البلد في الطريق نحو الهاوية أكثر فأكثر.
إقرأ أيضا : الإقفال السياسي
قلة قليلة، وقليلة جدا ممن يتصدرون سدة المسؤولية بقي لبنان في روحها وعقلها وضميرها بعيدا عن كل السائد من المناكفات السياسية والطائفية المقيتة، وقد كانت هذه القلة أكثر شجاعة ومسؤولية تجاه وطنها من كثيرين في السلطة وخارجها، وبادرت أمس بكل شجاعة ومسؤولية إلى مواجهة التحدي بالتحدي، التحدي المسؤول والواعي خوفا على وطن لم يتبق منه شيء.
بادر الدكتور ملحم خلف نقيب المحامين إلى التصدي للواقع المؤلم بالإعلان عن مبادرة إنقاذية، وهو بذلك أثبت المثل الحقيقي لرجل الدولة، الرجل المؤتمن على وطنه، الرجل الخائف على شعبه ودولته، فكانت هذه المبادرة خطة إنقاذية شاملة تمثل بما تضمنت صوت اللبنانيين جميعا، وهي بمثابة وضع اليد على الجرح اللبناني النازف، وهي في هذا الوقت بالذات ملاذ اللبنانيين بعدما انعدمت كل وسائل الحل بفعل اللامبالاة والمناكفات السياسية القائمة.
إن مبادرة نقيب المحامين الدكتور محلم خلف هي السبيل المتاح اليوم لإخراج البلد من أزمته، وهي في الوقت نفسه المبادرة الوحيدة التي يتطلع إليها اللبنانيون كخشبة الخلاص، وهي أيضا فرصة جديدة مسؤولة وواعية وواقعية لتلاقي اللبنانيين جميعا على خلاص وطنهم.
استطاع ملحم خلف أن يكسر جدار الصمت، وجدار اللامبالاة، وجدار الاستهتار بالوطن وبمصير اللبنانيين، فكانت هذه المبادرة الإنقاذية خطوة مسؤولة تسجل للرجل في وقت تخلت الدولة كلها عن مهامها وصلاحياتها تجاه الوطن والشعب.
إقرأ أيضا : رسالة الرئيس ورسائل اللبنانيين
إننا كلبنانيين ندعو إلى احتضان هذه المبادرة وتأييدها بصفتها الفرصة المتاحة الوحيدة التي يمكنها خرق الواقع المأزوم وهي تطلّ على كافة الملفات الشائكة وتضع الحلول الممكنة لما نحن فيه وهدفها واضح ومحدد لبنان الدولة والشعب والوطن.
وندعو كلبنانيين رئيس الجمهورية إلى المبادرة العاجلة إلى تبني هذه الخطة والسعي بكل جدية لتطبيق بنودها لإنقاذ البلد وعندها يسجل للرئيس بكل صدق بأنه صاحب العهد القوي، العهد القوي الذي يريده اللبنانيون.