يعمد حزب الله دائما الى تبرير كل إخفاقاته وفشله وتخبطه في إدارة الشأن العام اللبناني إلى إسناد هذا الفشل الى ال"مؤامرة" وبالاخص تلك المؤامرة التي يديرها الامركان.
هذا التبرير الممجوج والسخيف صار بشبه المثل الشعبي المعروف في عالما العربي "كل الحق ع الطليان" والذي يقال عادة عندما نهرب من تحمل مسؤولية خطأ ما، ونحمله لجهة قد لا يكون لها أي علاقة بالموضوع.
فالمتتبع لإعلام حزب الله هذه الايام، يدرك سريعا التوجه في تحميل الاخفاق في تشكيل الحكومة العتيدة للاميركان طبعا، تحت اعتبار أن الرئيس المكلف سعد الحريري يخضع للأوامر الاميركية، مرة من خلال من خلال الحديث عن تهديد بفرض عقوبات عليه في حال تضمنت التشكيلة أسماء محسوبة على الحزب ومرة ثانية بالقول أن التعطيل هو أمر أميركي ينفذه سعد الحريري للنيل من العهد وللمزيد من تشديد الحصارعلى البلد !
وبكلا الاحتمالين، يحاول الحزب وإعلامه إفهام جمهوره أن سعد الحريري ( رجل اميركا في لبنان ) هو المعرقل وهو من يمنع قيام حكومة جديدة في لبنان.
فلو سلمنا جدلا بأن سعد الحريري هو من يقف خلف تعطيل تشكيل حكومته كما يقولون، أفلا يعني هذا أن الثنائي الشيعي ( حركة امل – حزب الله ) هما من السذاجة السياسية بمكان، أنهم قدّموا " لرجل أميركا " لبن العصفور حتى يقبل بتكليفه في لحظة الاحتدام السياسي بين إيران وأميركا وما يقال عن توجه الاخيرة الى تصعيد المواجهة التي قد تصل إلى حد ضربة عسكرية محتملة ؟!!!
على الرغم من أن القاصي والداني يعرف، بأن العثرة الحقيقية في مسيرة تشكيل الحكومة هي تعنت رئيس الجمهورية وصهره واستمرارهما في لعبة المحاصصة القذرة، من دون الأخذ بعين الاعتبار حجم المأساة والمهوار الذي يسير نحوه البلد.
إقرأ أيضا : كيف يبرر شرعا حزب الله حماية الفساد؟!
لقد أثبت هذا العهد فشله الذريع، لدرجة أنه قضى ثلثي مدته ولم ينجح حتى اللحظة في تبني "حكومته الاولى"، ولن ينجح حتما، لأن الحكومة الوحيدة التي يمكن أن يعتبرها "حكومة العهد"، هي تلك التي تتشكل من جبران باسيل وثلاثون من مستشاريه فقط لا غير، حينها يمكن أن يطلق على مثل هكذا حكومة وسام تسميتها ب "حكومة العهد"، حتى ولو لم تنتج للبنان واللبنانيين إلا ما أنتجه هذا التيار في وزارة الطاقة وكل الوزارات التي استلمها طيلة 15 سنة.
لقد نجح سعد الحريري بانتزاع تكليفه تشكيل الحكومة، بمساعدة وجهود الرئيس نبيه بري، وقد نجحا سويا حتى اللحظة في تعرية العهد وصهره أمام الرأي العام اللبناني والدولي، وقد تحولا بنظر الجميع إلى مصدر أساسي لكل ما يصيب لبنان من مآسي في هذه المرحلة، وإن صمود سعد الحريري حتى اللحظة ورفضه الإنصياغ لرغبات الصهر القاتلة ورفضه التحول الى "حسان دياب" آخر، هي من النقاط القليلة المشرقة في مسيرته السياسية التي قد تعيد له قليلا مما فقده بالسنوات الاخيرة.
وبالعودة إلى موقف حزب الله الذي عودنا دائما على خيارات لا يمكن أن تجلب إلا المصائب والويلات على لبنان، فإن الموقف الأسهل والأهون لمقاربة الخلاف المستحكم بين حليفه العوني الذي فرضه علينا لرئاسة الجمهورية من جهة، وبين سعد الحريري الذي كُلف تشكيل حكومة بأصوات نواب بناءا لرغبات هذا الحزب، فإن الموقف الأسهل لتبرير هذا الفشل المستجد بأن يقول: "كل الحق ع الاميركان د" وكفى الله بذلك شر تحمله أمام جمهوره لأية مسؤولية .