سبق وأن ذكرنا سابقاً انه لن تجدي المراهنة اللبنانية على نتائج الانتخابات الأميركية، إلا مزيداً من تضييع الوقت وإطالة أمد الأزمة وتعميق الانقسامات الداخلية أكثر فأكثر،وفي هذا السياق تشير أوساط سياسية إلى أن أي إدارة أميركية جديدة، سواء جمهورية أو ديمقراطية ستجد نفسها مضطرة للسير في المسار الذي ينسجم مع الاستراتيجية المؤيدة لإسرائيل، كما فعل الرئيس دونالد ترامب عندما وضع موضوع السلام في المنطقة أولوية، في سياق محاولة إنهاء ملف الشرق الأوسط ، لافتة إلى أنه حتى لو فاز جو بايدن بالرئاسة الأميركية فإنه لن يتمكن من تبديل جدول الأعمال المتعلق بمواصلة المسار السلمي، وكذلك الأمر أن يجري أي تغيير في مواجهة إيران وفك عزلتها، باعتبار أن ملف السلام وإيران مرتبطان. أي أن مد جسور السلام بين إسرائيل وبعض الدول العربية، أدى إلى مزيد من محاصرة إيران على المستوى الاقليمي .
فيما انشغل لبنان بتتبع الانتخابات الرئاسية الاميركية،لم يطرأ جديد على مسار تشكيل الحكومة، فلبنان يتطلع الى الاتي من الايام، ليبنى على الشيء مقتضاه السيناريوات تتوالى وتتعدد، ومواقف المعرقلين تزداد عرقلة ووضوحا، يوما بعد يوم، وكذلك الشروط والشروط المضادة والتمنيات و التمنيات المعاكسة وقد عادت باريس الى الخط، مؤكدة عبر قيادات ان فرنسا ملتزمة وعودها وتعهداتها، وهي مستمرة في الاتصالات مع الاتصالات مع الافرقاء المعنيين والمسؤولين في لبنان، من اجل تشكيل حكومة من اشخاص يحظون بالثقة ونظافة الاكف والسمعة الحسنة من غير ان يعني ذلك ان الحكومة المطلوبة هي حكومة ملائكة وان الكرة هي في ملعب الفرنسيين.
وتوقعت المصادر المتابعة أن يتم تذليل العقبات خلال الأيام القليلة المقبلة ،على الرغم من الانتكاسة التي منيت بها الجهود الحكومية مردها إسقاط الأسماء على الحقائب، إذ تمسكت كتل حزبية معروفة، بأسماء أشخاص حزبيين، موصوفين لمراكز في الوزارة، الأمر الذي ينسف مصداقية حكومة مهمة من اخصائيين بالكامل .
إقرأ أيضا : المماطلة لن تقود الا الى المزيد من التعقيد
مصادر سياسية اكتفت بالقول أن موضوع تأليف الحكومة لم يفرمل كليا لكنه في استراحة قد تطول وقد لا تطول بإنتظار بعض الاتصالات.
وكررت القول أن ملف التشكيل في كل مرة يخضع للطلعات والنزلات والشروط والشروط المضادة مشيرة إلى أن العقد التي تردد أنها قائمة لم تحل منها وزارة الطاقة وعدم التوصل إلى حسم الإسم كما توزيع الحقائب والعقدة الدرزية ، وفهم أيضا ان الملف برمته يتطلب مشاورات إضافية لكن رئيس الجمهورية مستعجل التأليف لكنه يعطي الفرصة لهذه المشاورات وهو ينتظر ما قد بحمله اليه الحريري في زيارته المقبلة إلى بعبدا . ما يعني ان الأزمة عادت إلى نقطة البدء في ما خص تمسك النائب جبران باسيل بوزارة الطاقة على غرار تمسك الشيعة بالمالية، فضلاً عن التمسك بإعطاء حقيبة لحليفه الأمير طلال أرسلان، رئيس كتلة وحدة الجبل، التي تضمه إلى 3 نواب من تكتل لبنان القوي .
مع كل ذلك، فان هناك من يروج لـمناخات ايجابية، بهدف تذليل ما تبقى من عراقيل اعاقت ولادة الحكومة، وهي تتمثل بـالمداورة وما تبقى من توزيعات، كما وتتمثل بحقائب الاشغال والصحة والاتصالات، ومع هذا، فإن متابعين عن قرب، لا يصدقون ما يقال عن ان جبران باسيل لا يتدخل في تشكيل الحكومة، بل على العكس من ذلك، فهو المفاوض الرئيسي، ولو من خلف الجدران الرئاسية، وقد سارع وليدجنبلاط الى تحذير الحريري، عبر تويتر من غدر هؤلاء وحقدهم التاريخي.
للاسف ان البعض، كثر ام قل، من هذه السلطة امتهن حرفة اضاعة الوقت، وهو يلعب على الاوتار الطائفية والمذهبية، واللبنانيون، على وجه العموم، باتوا في وضع لا يحسدون عليه، وهم يشددون على حكومة اصلاح، توقف النزيف بمعالجات دقيقة وسليمة وصحيحة، لا بالكلام، فما يواجهه لبنان من ازمات وتحديات واستحقاقات، يستدعي تجاوز الانانيات والمحسوبيات التي تستوحي المثل الشعبي القائل من بعد حماري ما ينبت حشيش خصوصا وان عموم اللبنانيين على قناعة، بان من كان وراء ما حل بالبلد، من ازمات وويلات ومصائب كارثية، على العديد من المستويات، يستدعي عدم استنساخ حكومات تقوم على الحصص والمواقع وتوزيع الهبات، والنزاع على حجم الحكومة وتقسيم الحقائب الى دسمة وسيادية وخدماتية، وغير ذلك. في الانتظار ما هي خيارات هذه السلطة والى اي مدى ستبقى مستمرة في اتباع سياسة الانكار ودفن الرأس في الرمال وللحديث صلة .