بعد الدفوع الشكلية الرئاسية عبر كلمة رئيس الجمهورية التي توجه بها إلى اللبنانيين على الهواء مباشرة، مضمناً إليها رسائل عدة وفي اتجاهات تتعدّى اللعبة السياسية في الداخل، بات السؤال المطروح ماذا سيفعل الرئيس، بعد الاستشارات الملزمة وتسمية نيابية وافرة للرئيس سعد الحريري، الذي شكك رئيس الجمهورية بقدرته على مواجهة الفساد .
مسلسل التساؤلات الطويل في كلمة الرئيس، هو أشبه بمضبطة إتهام للفشل والتقصير للعهد، أكثر مما هي نقاط للدفاع عن غياب الإنجازات طوال السنوات الأربع الماضية من ولايته الرئاسية. هل تعطيل التشكيلات القضائية منذ أشهر له علاقة بمن تولوا الحكم في المراحل السابقة هل الفوضى التي ضربت أطنابها في ما سُمي ملف الفيول المغشوش، وأدى الى انقطاع التمديدات النفطية من شركة سوناطراك الجزائرية، وإغراق البلد في عتمة شبه كاملة، له علاقة بالسابقين من أهل الحكم هل تعطيل مشاريع الكهرباء عنوة، لتمرير مشروع محطة سلعاتا، سببه الحكومات السابقة، أم الصهر العزيز صاحب الشعار المشهور لا كهرباء في لبنان إذا ما في معمل سلعاتا هل إيصال البلد إلى الحصار العربي والغربي، وفرض العزلة الدولية عليه، يتحمل مسؤوليته السابقون أيضاً هذا غيض من فيض من الملفات الراهنة في العهدالحالي .
إقرأ أيضا : ضغوط دولية لتشكيل سريع للحكومة
المشهد السياسي اللبناني لخصته مصادر سياسية مطالعة رئيس الجمهورية بانه عاتب على الحلفاء والأصدقاء السياسيين التقليديين دون تسميتهم،لتركه وتياره السياسي وحيدين في معركته لرفض تسمية الرئيس سعد الحريري معترفا بخسارة هذه المعركة ولكنه توعد بالرد في عملية تشكيل الحكومة من خلال الصلاحيات الدستورية التي منحه اياها الدستور،في اشارة واضحة الى ان عملية التأليف لن تكون سهلة كما حصل في التسمية بل اكثر صعوبة وتعقيداً ، كما تشير إلى أن رئيس الجمهورية عندما يحمل الرئيس الحريري، تبعات كل هذه الأزمات، فإنه يوجه رسالة غير مباشرة إلى النواب بعدم تسميته في الاستشارات، في حين أن الرئيس عون عندما انتقد أداء الطبقة الحاكمة في السنوات الثلاثين الماضية، فإنه كان يقصد رئيس مجلس النواب نبيه بري ووليد جنبلاط، بعدما عمل على تحييد حزب الله، سيما وأن رئيس الجمهورية يعتبر أن وصول الحريري إلى رئاسة الحكومة، يعتبراً وصولاً لهذا الثلاثي إلى الحكم، وهذا ما يرى فيه التيار الوطني الحر خطراً عليه، لأن هذا الثلاثي من منظار الرئيس عون وفريقه السياسي، يحضّر لانتخابات رئاسية بعد سنتين بطلها رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، في مواجهة المرشح النائب جبران باسيل. وهنا إذا صح التعبير مكمن المشكلة الحقيقية التي ترخي بظلالها على الوضع الداخلي، إلى جانب الأزمات الاقتصادية والمالية التي يتخبط فيها البلد.
وسط هذا الارباك في المشهد السياسي اللبناني، دعا وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان لبنان أمس الأربعاء إلى الإسراع في تشكيل حكومة جديدة عشية استشارات نيابية سينبثق عنها تكليف شخصية بتشكيل فريق وزاري في بلد يشهد انهياراً اقتصادياً .
وحذر الوزير الفرنسي امام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الفرنسي من أنه كلما تأخرنا، غرق المركب أكثر.
إذا لم يقم لبنان بالإصلاحات المطلوبة، فإنّ البلد نفسه معرّض للانهيار.
وأضاف لا يمكن أن يكون الشعب اللبناني ضحية إهمال وعدم كفاءة قادته، معتبراً أن النزعات القديمة، والمحاصصة حسب الانتماءات، حسب الطوائف، عادت فيما الوضع الحالي لا يسمح بذلك .
بالاضافة لتحذيرات لودريان قالت المديرة العامة لصندوق النقد ان الوضع السياسي في لبنان مقلق جداً، وأعربت عن استعداد الصندوق لمساعدة لبنان في اللحظة التي سيكون هناك شريك .
وبدوره كشف نائب رئيس البنك الدولي للشرق الأوسط وشمال افريقيا فريد بلحاج ان البنك جاهز لتقديم مليار دولار لدعم الاقتصاد اللبناني والمشاريع الأكثر أولوية كما وأكد ان المطلوب من الحكومة اللبنانية فتح الأبواب للداعمين من المجتمع الدولي بشكل يُعيد الثقة ويسهم في مساعدة الشعب اللبناني .
مع كل ذلك ومع كل التحذيرات الداخلية منها والخارجية ما زالت معالجة الأوضاع الكارثية غائبة عن الوجود، وعادت حليمة بالمسؤولين على كافة المستويات إلى عاداتهم وسلوكياتهم القديمة، وإذا بهم متواجهين متلاطمين متخاصمين وطعم الجبنة التي أكلوها بكافة الوسائل والاساليب الحرام، يتفاعل مذاقها في أفواههم وينحدر إلى حساباتهم في المصارف وجيوبهم التي لا تشبع ولا ترتدع، وها هم لا يسمعون ولا يقشعون مدى الإذلال والحرمان والإفلاس الشامل للبلاد والعباد، بما في ذلك، مأساة 4 اب الذي مرّ على تاريخه الماساوي ما يزيد على الشهرين دون التوصل الى نتيجة وللحديث صلة .