كتب موقع "الحدث": صحيح أن الطريق إلى الاستشارات النيابية المُلزمة التي سيُجريها رئيس الجمهورية ميشال عون غداً الخميس، لتسمية الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة الجديدة في لبنان، أصبحت شبه سالكة أمام رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري للمرّة الرابعة منذ دخوله الحياة السياسية، غير أن رحلة تشكيل الحكومة لن تكون سهلة وستعترضها مطبّات عديدة سيكون من الصعب عليه تجاوزها في وقت يرزح لبنان تحت أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه.
ومع أن الحريري كما هو واضح حتى كتابة هذه الأسطر سيُكلّف بأكثرية تتخطى السبعين صوتاً سيحصل عليها من الثنائي الشيعي، حزب الله وحركة أمل والحزب "التقدمي الاشتراكي" برئاسة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، غير أن تشكيل الحكومة سيكون الامتحان الأصعب الذي سيخوضه، ذلك أن لعبة الشروط المُسبقة والمحاصصة السياسية عادت لتطلّ برأسها مجدداً ولو أن المعنيين بالاستحقاق الحكومي أعلنوا التزامهم بالمبادرة التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون غداة زيارته إلى لبنان الشهر الماضي وتنصّ على تشكيل "حكومة مهمة" من اختصاصيين وبعيدة من الأحزاب السياسية التقليدية.
عقبات حزب الله
وتعليقا على الموضوع، اعتبر رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة في مقابلة مع موقعي "العربية.نت" و"الحدث" أن مهمة الحريري دونها عقبات كثيرة وستكون بمثابة سباق الحواجز. فإذا نجح باجتياز حاجز التكليف، ستكون أمامه حواجز أخرى منها شكل الحكومة ثم البيان الوزاري فالثقة البرلمانية وأخيراً والأهم وضعية حزب الله".
كما نصح الحريري بأن يتركهم يُشكّلون حكومتهم (أي رئيس الجمهورية وحلفاؤه الثنائي الشيعي)، لأنهم يستعصون على كل شيء ويرفضون الحلول".
وأعلنت الرئاسة اللبنانية أن عون سيوجّه عند الثانية عشرة ظهر اليوم رسالة إلى اللبنانيين يتناول فيها الأوضاع الراهنة.
تأجيل الاستشارات النيابية
إلى ذلك، رجّح السنيورة "أن يُعلن عون تأجيل الاستشارات النيابية إلى موعد آخر"، بعدما كان أرجأها أسبوعاً كاملاً نزولاً عند طلب بعض الكتل النيابية كما جاء في بيان الرئاسة، إلا أن بعض المواقف أشارت إلى أن سبب التأجيل أن عون كان أمهل صهره رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، لعله يتمكّن من إعادة خلط الأوراق لقطع الطريق على تكليف الحريري.
وأكد "أن باسيل لا يريد الاستشارات النيابية أن تتم، من هنا قد يطلب من رئيس الجمهورية إرجاءها إلى موعد لاحق"، ملمّحاً إلى دور لـ"حزب الله" في هذا المجال، لأنه غير راضٍ ضمنا على تكليف الحريري".
يأتي هذا في وقت يعيش لبنان أسوأ أزمة اقتصادية ومالية في تارخيه الحديث، حيث ارتفع سعر صرف الدولار مقابل الليرة ما أدّى إلى تراجع القدرة الشرائية عند اللبنانيين نتيجة الارتفاع الجنوني بأسعار السلع الاستهلاكية.
ويطالب المجتمعين العربي والدولي لبنان البدء بالإصلاحات من أجل رفد الاقتصاد بالمساعدات المالية اللازمة. وحتى اليوم لا تزال الحكومات المتعاقبة عاجزة عن الالتزام بالمطلوب منها بسبب الخلافات السياسية والاتهامات المتبادلة بالفساد وإهدار المال العام.
استعادة الثقة هي الأساس
إلى ذلك، وصف رئيس الحكومة السابق القائمين على الحكم اليوم بغير العاقلين، قائلاً "كان من المفترض أن يُشكّل السفير مصطفى أديب حكومة لا تُشبه الحكومات المتعاقبة، إلا أنهم عرقلوا مهمته فكان أن اعتذر عن تكليفه".
كما شدد على "أن المطلوب واحد. استعادة ثقة اللبنانيين أولاً وثقة المجتمعين العربي والدولي ثانياً، وكل ما عدا ذلك هو دوران في حلقة مُفرغة." وأضاف "إذا أتى عون وقال إنه سيُنهي عهده بتحقيق إنجازات أساسية كتوقيع التشكيلات القضائية، وتشكيل الهيئات الناظمة في قطاعات الكهرباء والاتصالات والطيران المدني، بالإضافة إلى اعتماد قاعدة الكفاءة والجدارة في التعيينات الوظيفية فإن سعر صرف الدولار أمام الليرة اللبنانية حتماً سيتراجع، ما يعني أن الثقة بأركان السلطة بدأت تُستعاد، إلا أن الواقع وللأسف عكس ذلك، والقائمون على الحكم اليوم يتصرّفون من دون أن يشعروا بمعاناة الناس وهمومهم".
لم يتعلّموا شيئاً
واستشهد السنيورة بقول فرنسي لوصف المسؤولين في لبنان، قائلاً "لم يتعلّموا شيئاً منذ انطلاق الحراك الشعبي في 17 أكتوبر وبعد انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس الماضي وبعد الانهيارات على المستويات كافة، بل للأسف ما زالوا يتصرّفون بالطريقة ذاتها وكأن شيئاً لم يكن".