شكل الحراك السياسي للرئيس الحريري خرقاً لحال الجمود السياسي ، والذي كان مدار متابعة وترقب من جهات عدة داخلية وخارجية، لكن السؤال المطروح هل سيتمكن الرئيس الحريري من تشكيل حكومة من خارج المنظومة السياسية الحاكمة، ام انه سيواجه بمطالب مضادة من قبل الأطراف السياسية كافة.
بحسب المعطيات توقعت مصادر مقربة من الرئيس الحريري ألا تكون الطريق إلى تكليف الرئيس الحريري تشكيل الحكومة، معبدة ولن تكون سهلة ولا بسيطة حتى ولو انه شكل وفدا لاستمزاج آراء القيادات والمراجع السياسية، إضافة إلى أن أي مرجع دولي او خارجي قد يتدخل مباشرة في تسهيل التشكيلة، وهذا الامر تم إبلاغه الى الحريري والمقربين منه.
وفي هذا السياق كان لافتاً موقف وليد جنبلاط حيث عبر بكل وضوح عبر تلفزيون الجديد أمس الاول، قال جنبلاط الموضوع أصبح أنه هو سعد الحريري سمّى نفسه تسمية ذاتية، ولا داعي لأن نذهب إلى بعبدا، لماذا نذهب لنضيع وقتنا؟ ومن الممكن أنه قام بـصفقة الجبنة مع جبران باسيل والثنائي، وأنا سألت كوطني، هل يمكننا تبوّء وزارة الصحة؟ هل يمكن لبلال عبدالله تبوّء مركز وزير الصحة؟ هل يمكن لوليد عمّار تبوّء مركز وزارة الشؤون الإجتماعية؟ هل يمكن تبوّء عباس الحلبي مركز وزارة التربية؟ أم ممنوع؟ لماذا سنسمّي؟ لماذا أضيع وقتي إذا لم أتلقَ جوابا؟ كما رفضت إستقبال وفد كتلة المستقبل لأنه ليس هكذا يُعامل وليد جنبلاط، ولا أريد أحدا، سأُرسل نواب الحزب التقدمي الإشتراكي إلى المجلس، وبحال تغيّر الدستور، فلنبقَ في منازلنا أريح.
خارجياً المجتمع الدولي، وتحديدا الولايات المتحدة الاميركية، فرنسا، السعودية وروسيا وغيرهم من الدول يتابعون بدقة خطوات الحريري، ولن يقدموا على اي خطوة، الا في حال تمكن من تشكيل حكومة ضمن إطار المبادرة الفرنسية.
فالتوافق الخارجي لانقاذ لبنان ينطلق من مبادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، لأنها هي وحدها الخطة القادرة على مساعدة لبنان لانقاذه من الازمات الاقتصادية التي يتخبط فيها على المستويات كافة.
ما يزيد من صعوبة المهمة، هي المؤشرات السلبية التي التقطها مطلعون على موقف الثنائي الشيعي تهديد الحريري بأنّ محاولته هي الفرصة الأخيرة التي تسبق الانهيار، واصراره على تسمية وزراء حكومته ما يعني استبعاد قوى الثامن من آذار، بشكل يثبت بأنه ملتزم الأجندة الأميركية السعودية ولكن بلغة فرنسية وبلهجة لبنانية، وهذا ما يجعل مبادرة الحريري محفوفة بالمخاطر الا إذا برز معطى ما يسهل انطلاقها .
الا ان تحرك الحريري الذي فرض نفسه كمرشح اساسي ورئيسي على الساحة الداخلية، لم يمنع القيمين على الساحة الداخلية من متابعة تحضيرات زيارة مساعد وزير الخارجية دايفيد شينكر الى لبنان غدا الاربعاء للمشاركة في أول جلسة للتفاوض مع إسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية.
وفي بيروت تتحدث مصادر ان زيارة شينكر لن تقتصر فقط على مسألة ترسيم الحدود فقط، إنما جدول أعماله المثقل باللقاءات السياسية يدل على ان المسؤول الاميركي الذي يمكث حتى الاحد المقبل، سيلتقي عددا من المسؤولين اللبنانيين والدينيين. وقالت المصادر ان شينكر سيؤكد على دعم الولايات المتحدة للبنان، وأن حكومته مستعدة لمساعدة لبنان اقتصاديا عبر تمويل مشاريع انمائية واقتصادية ومساعدة القطاعات الإنتاجية والاقتصادية والمصرفية في البلد، شرط تشكيل حكومة تمثل طموحات القاعدة الشعبية، منطلقة من اجراء الاصلاحات ومحاربة الفساد، وأن تتمثل بشخصيات اختصاصية كل ضمن خبرته. وقالت أن المرحلة الجديدة التي يجب أن يتحضر لها لبنان لن تكون مرحلة سياسية، بل يجب أن تواكب الحكومة المقبلة مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، كما المساعدات الدولية الموعودة ان من مؤتمر سيدر او صندوق النقد الدولي، أو المؤتمرات الاقتصادية من أجل لبنان.