أجرت بالأمس الإعلاميّة نانسي السبع حواراً شيّقاً ومُمتعاً، وقبل ذلك مُفيداً جدّاً مع الزعيم وليد جنبلاط( وذلك خلافاً لما درجت العادة في تلك القناة)، وقد تمكّن جنبلاط خلال الحوار من استحضار شخصية الزعيم الوطني الخائف على طائفته قدر خوفه على المصير الوطني برُمّته، مع تكرار برمه وأسفه على ما وصلت إليه العلاقة السياسية والشخصية مع زعيم الطائفة السنية، الرئيس سعد الحريري، والذي جنح طويلاً خلال فترة حكمه إلى المحاصصات واقتسام الغنائم مع الوزير جبران باسيل، وإهمال المهمات الإصلاحية المُلحّة في كافة القطاعات، وإصلاح الإدارة والقضاء والأمن، ورضوخه شبه الدائم لسلطة حزب الله المطلقة.
إقرأ أيضا : الرئيس الحريري..أم الصبي أم الأم التي قبرت إبنها وتفضّت للزندقة.
حافظ الزعيم الدرزي على التعبير عن وفائه وعرفانه بالجميل، لصديق العمر ورفيق الدرب " العروبي" الرئيس نبيه بري، الذي وقف بجانبه في مختلف المنعرجات السياسية والأمنية التي مرّ بها لبنان على مدى ثلاثة عقودٍ من الزمن، وتشاطرا "الأماني" الوطنيّة" والهموم "القومية"، مع الحنين الدائم للقامات العربية التاريخية من جمال عبد الناصر إلى ياسر عرفات وكمال جنبلاط واللواء فؤاد شهاب، والشخصيات الوطنية من سمير فرنجية إلى معروف سعد وألبير منصور وجورج حاوي، هذا في التاريخ المعاصر والقريب، أمّا اليوم فقد بدا زعيم المختارة يائساً، مُنكفئاً داعياً بني قومه (الدروز) للحفاظ على وجودهم في لبنان وسوريا، في وجه الأعاصير، بعيداً عن ألاعيب الأمم الرهيبة، كما بدا غير مُطمئنٍّ لسلوك الرئيس سعد الحريري المُستجدّ، والذي أرسى عُرفاً جديداً خارج الدستور، بتسمية نفسه مُرشّحاً لرئاسة الحكومة الجديدة، لأنّه سرعان ما سيرتمي في أحضان باسيل وتياره السياسي من جديد، وفي نهاية المطاف سيلجأ إلى عباءة حزب الله الطاغية، وحرص جنبلاط أخيراً على ترك فسحة ضوءٍ مواربة للتّعاون مع سعد الحريري في حال تكليفه تأليف الحكومة الجديدة، في حال عرض الحريري على جنبلاط( أي على الدروز) حقيبةً وزارية وازنة، كالصّحة أو التربية، وذهب إلى طرح بعض الأسماء، كالدكتور بلال عبدالله أو عباس الحلبي، وخلاف ذلك لا مانع لدى جنبلاط أن يتعاون الحريري مع المير طلال ارسلان، مع لفت نظر المير إلى وجوب المحافظة على كرامة الدروز وهيبتهم، وبالفعل لا توصي حريصاً، فقد شرب ارسلان بالأمس حليب السباع، وطالب الحريري بحقيبة سيادية، وأن يقصد الحريري( صاغراً ربما) دار خلدة لنيل الرّضا، وهكذا يصُحّ المثل: إذا غاب الهرّ، إسرح وامرح يا فار، عندما ينكفئ جنبلاط يتقدّم عميلٌ "صغير" لجبران باسيل لملأ الفراغ.