ذكرت منظمة العفو الدولية ومحامون حقوقيون، الجمعة، أن السلطات المصرية اعتقلت مئات الأشخاص، في محاولة لقمع سلسلة من الاحتجاجات صغيرة "لكنها نادرة بشكل استثنائي" في جميع أنحاء البلاد.
ووفقا لتقرير جديد صادر عن منظمة العفو الدولية، ومقرها لندن، فقد فرقت شرطة مكافحة الشغب بالقوة تظاهرات محدودة اندلعت بشأن المظالم الاقتصادية في العديد من القرى الفقيرة خلال الأسابيع القليلة الماضية، وأطلقت الغاز المسيل للدموع والخرطوش.
وقالت المنظمة إنها تحققت من مقاطع مصورة تظهر العديد من عناصر الشرطة يحملون بنادق، مشيرة إلى حالتين كانوا يضربون فيها المتظاهرين غير المسلحين بالهراوات ويطلقون الخرطوش على من يفرون.
وأضافت أن "رجلين لقيا مصرعهما في الحملة، أحدهما أصيب بخرطوش قوات الأمن جنوب القاهرة والآخر خلال مداهمة للشرطة في مدينة الأقصر جنوبي البلاد".
كما زج بمئات الأشخاص إلى السجن، وفقا لتقديرات عدد من المحامين، وما زالوا رهن الاحتجاز في انتظار التحقيقات "على خلفية اتهامات فضفاضة تتعلق بالإرهاب، وهي أداة شائعة تستخدمها النيابة العامة في مصر لإسكات المنتقدين ولسحق المعارضة".
ومن خلال المقابلات التي أجرتها المنظمة مع شهود عيان ونشطاء وأقرباء ومحامين، قالت منظمة العفو إنها تأكدت أن 496 شخصا ما زالوا رهن الاحتجاز.
وقال فيليب لوثر، مدير الأبحاث والمناصرة الإقليمية بمنظمة العفو الدولية: "حقيقة أن هؤلاء المتظاهرين نزلوا إلى الشوارع، مع علمهم بالمخاطر الشديدة على حياتهم وسلامتهم، تظهر مدى يأسهم للمطالبة بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية".
وقال خالد علي، المحامي الحقوقي المصري المعروف، لوكالة أسوشيتدبرس، إنه وثق 800 عملية اعتقال عقب الاحتجاجات في الجيزة، ومدينة الإسكندرية شمال البلاد، وبلدات في جنوب مصر، منها الأقصر واسوان.
وأضاف ان الشرطة استخدمت الصدمات الكهربائية أثناء التحقيق مع أحد موكليه الذي اعتقل في مدينة السويس شمال شرق البلاد.
منع "الطعام المناسب والماء"
وقال محام بالجبهة المصرية لحقوق الإنسان، وهي جماعة مراقبة، إنه يمثل 50 مدعى عليهم من خمس محافظات ألقي القبض عليهم في أحدث حملة ملاحقة، إلا أنه على علم بما مجموعه 1200 شخص ألقي القبض عليهم الشهر الماضي، وذلك من سجلات تداولها محامون.
وأضاف أن ضباط الشرطة منعوا عن 14 من موكليه الطعام المناسب والماء، وأنهم تعرضوا للضرب خلال التحقيق.
كما ذكر أنه في 90٪ من الحالات لم يكن المعتقلين ممن شاركوا في احتجاجات الشوارع، بل ألقي القبض عليهم من منازلهم بعد قمع الاحتجاجات.
ومضى يقول، مشترطا تكتم هويته: "لهذا نسميه اعتقالا عشوائيا. السلطات تحت ضغط، ولا يمكنها السماح بوقوع مظاهرات دون اعتقالات".
وأكد أحد سكان مدينة أسوان (جنوب البلاد)، اشترط تكتم هويته أيضا، لأسوشيتدبرس، أن شقيقه، عمدة القرية، اختفى بعد اندلاع احتجاجات في المدينة يوم 20 أيلول. وبعدها بأربعة أيام ظهر مرة أخرى في النيابة المحلية، وصدر أمر بحبسه 15 يوما بتهمة إساءة استغلال وسائل التواصل الاجتماعي، والانضمام لمظاهرات غير مرخصة.
وفي وقت سابق من الأسبوع، ذكر مكتب النائب العام المصري، في بيان، أنه أفرج عن 68 قاصرا كانوا قد اعتقلوا "لمشاركتهم في أعمال الشغب الأخيرة".
وقال المحامي بالجبهة المصرية لحقوق الإنسان إن 100 قاصر اعتقلوا أثناء المظاهرات في أسوان، وأنه في حين تم الإفراج عن 68 منهم عمرهم أقل من 14 عاما، إلا أن عشرات آخرين لازالوا رهن الاعتقال.
والجمعة، بثت قنوات تلفزيونية موالية للحكومة لقطات لحشود من المصريين يلوحون بالأعلام، ويرفعون صور الرئيس عبد الفتاح السيسي احتفالا بذكرى حرب 1973 ضد إسرائيل.