سباق تشهده عدة مراكز طبية أميركية للتوصل إلى عقار فعال لإيقاف انتشار وباء كورونا، والذي نتج عنه وفاة أكثر من 200 ألف شخص داخل الولايات المتحدة، إضافة إلى إصابة أكثر من 7 ملايين آخرين.

 


وفي الوقت الذي ينتظر فيه ملايين البشر حول العالم أنباء إيجابية تتعلق بالتوصل لعلاج فعال وآمن، تنتشر الكثير من الأوهام حول اللقاح وفعاليته وكيفية التوصل إليه وتوقيت توزيعه.

 

من ناحية أخرى، أظهر استطلاع لمعهد بيو لأبحاث الرأي العام، أجري على 10 آلاف و93 شخصا، الفترة من 8 إلى 13 أيلول الجاري،  موافقة 51% فقط من الأميركيين على الحصول على لقاح كوفيد-19 بمجرد التوصل إليه، في حين ذكر 49% منهم أن لديهم شكوكا في فعالية وأمان أي لقاح، وأنهم لن يتناولوا اللقاح حال توافره.

 

ونشر موقع "الجزيرة" مقالاً حول 5 أوهام يؤمن بها ملايين الأميركيين حول اللقاح المضاد لفيروس كورونا المستجد:

 

أولا: إنتاج اللقاح يحقق مكاسب مالية ضخمة لشركات الدواء


كثيرا ما تدعي الفئات النشطة في معارضة إنتاج اللقاحات أن شركات صناعة الدواء ستحقق أرباحا بمليارات الدولارات فور توصلها إلى لقاح فعال ضد فيروس كورونا. ويخشى هؤلاء المعارضون أن يكون كل التركيز، وتخصيص الكثير من الموارد في سبيل التوصل للقاح كورونا، يأتي على حساب تجاهل شركات الدواء إنتاج الأدوية الأخرى الضرورية لصحة الإنسان.

 

لكن بيانات حكومية أميركية تظهر أن تكاليف تطوير لقاح فعال وآمن غالبا ما تتخطى قيمة سعره التجاري. وتستثمر شركات الدواء حاليا أموالا طائلة في التجارب السريرية لاختبار سلامة اللقاح وفعاليته.

 

ولا يمثل سوق اللقاحات حول العالم إلا نسبة تتراوح بين 2% و3% من صناعة الأدوية، وتبلغ أرباح دواء الباراسيتامول (Paracetamol) المسكن ومخفض الحرارة أضعاف أرباح أي مصل سيتم التوصل إليه.

 

ثانيا: لقاح كورونا يتوفر قبل انتخابات 3 تشرين الثاني


أكد الرئيس دونالد ترامب ما كرره كثيرا، خلال الأسابيع الماضية، أنه يفصلنا عن الوصول للقاح فعال وآمن مضاد لفيروس كورنا فترة تراوح بين 4 و8 أسابيع.


ويشير ترامب إلى أن توزيع اللقاح سيتم على نطاق واسع قبل نهاية العام، وهو ما يتعارض مع ما ذكره روبرت ريدفيلد مدير المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها أمام الكونغرس.

 

ويعد مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها الجهة الحكومية الأعلى التي تشرف على إستراتيجية مواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد.

 

وأدلى ريدفيلد بشهادته أمام الكونغرس قبل أيام مؤكدا أن اللقاح لن يكون متاحا للمواطنين على نطاق واسع حتى الربيع أو الصيف المقبلين، وهو ما يؤكده كبار مسؤولي قطاع الصحة الأميركية.

 

وقال بكل ثقة "الأمر سيستغرق من 6 إلى 9 أشهر بعد الحصول على موافقة إدارة الغذاء والدواء على فعالية وسلامة اللقاح الجديد قبل أن يتم توزيعه على الصعيد الوطني".

 

ثالثا: بمجرد التوصل للقاح سيصل لجميع البشر بسرعة


يبلغ عدد سكان الأرض 7.8 مليارات نسمة، ومن المستحيل، طبقا للدكتور خالد الشامي الأستاذ المساعد بجامعة جون هوبكنز إنتاج لقاحات بمجرد التوصل إليها لهذه العدد الضخم، مضيفا "إن انتاج الأمصال ليس كتصوير الأوراق التي يمكن طباعة المزيد منها بلا توقف".

 

وتحتاج عملية إنتاج المصل إلى مواصفات فنية لن تسمح بإنتاج مليارات الجرعات منها في وقت قصير. وستكون البداية لمواطني الدولة التي تتوصل أولا لإنتاج لقاح فعال وآمن، وهناك عدة دول تسرع خطواتها في سبيل التوصل لإنتاج اللقاح.

 

غير أن التوصل للقاح يعقبه معضلة توصيل اللقاح وشحنه لبقية دول العالم، إذ تحتاج طائرات ضخمة بمواصفات خاصة كي يتم حفظ اللقاح أثناء عملية النقل.

 

وتوقع خبراء الصحة والطيران أن تكون هناك حاجة إلى 8 آلاف طائرة شحن من طائرات شركة بوينغ يمكن التحكم في درجة حرارة مخازنها لتبقى بين 2 إلى 8 درجات مئوية لمنع تلف للقاح أثناء عملية النقل.

 

رابعا: توفر اللقاح سيعني القضاء على كورونا


خلال لقاء تلفزيوني بث مؤخرا، أشار بيل غيتس إلى أن التوصل للقاح سيعني "إنقاذ الأرواح وعودة الحياة إلى طبيعتها والخروج من الركود الاقتصادي".

 

ويكرر الرئيس الأميركي كذلك أن عام 2021 سيشهد طفرة اقتصادية غير مسبوقة بالبلاد عقب التوصل إلى إنتاج لقاح آمن وفعال ضد فيروس كورونا.

 

غير أن عددا من خبراء الصحة العامة يؤكدون أن اللقاح لن يقضي على الفيروس، ولن يمنع أصابه من تناول جرعة منه.

 

وعاد الدكتور الشامي بالإشارة إلى أن اللقاح المنتظر لن يوفر حماية دائمة ضد الفيروس، لكنه سيكون مثل لقاح الإنفلونزا التقليدية الخاص بالجهاز التنفسي.

 

وأضاف "ستكون هناك مناعة وقائية حيث يقلل من احتمالات الإصابة بالفيروس لكنه لن يمنعها نهائيا، وإذا حدثت إصابة فلن تكون بقوة وشراسة الإصابة قبل تناول اللقاح".

 


خامسا: لقاح كورونا محايد ولا علاقة له بالانتخابات الرئاسية


يستخدم الرئيس الأميركي كل وسائل الضغط في سبيل الإسراع للتوصل إلى إنتاج لقاح لدعم حظوظه الانتخابية. وفي الوقت الذي يشير فيه ترامب إلى إمكانية التوصل إلى اللقاح خلال أسابيع قليلة، يتهمه منافسه المرشح الديمقراطي جو بايدن بتبني خطاب متهور مناهض للعلماء.

 

ويخشى الكثير من المراقبين أن يوثر ضغط ترامب إلى اندفاع العلماء لإنتاج لقاح بصورة مستعجلة لا تراعي مواصفات الأمان المطلوبة. من جانبها اتفقت شركات أميركية عاملة بمجال الأدوية على عدم الإعلان عن أي لقاح مضاد لفيروس كورونا قبل إخضاعه، بشكل صارم، لمعايير السلامة والفعالية.

 

وهي خطوة هدفت إلى استعادة ثقة الأميركيين، والتأكيد على أن هذه الشركات لن تُعلن إنتاج أي لقاح تجاوبا مع ما يُقال عن ضغوطٍ سياسية من قبل الرئيس ترامب بهذا الشأن.

 

وتعهدت الشركات بالالتزام بمستوى عال من المعايير العلمية والأخلاقية في إجراء الدراسات السريرية وعمليات التصنيع.

 

واختتم الشامي تصريحاته بالتعبير عن ثقته في إدارة الأغذية والأدوية التي يستلزم الحصول على موافقتها لطرح أي لقاح جديد، وقال مادحا "حائط صد قوي ضد أي محاولات لتسيس التوصل لعلاج أو مصل خدمة لأهداف سياسية هنا أو هناك".